بقلم| د.حسن الشيخي
مما لا شك فيه أن الخوف ظاهرة طبيعية مالم يتجاوز حدود الخوف الطبيعي، فإذا زادت حدة الخوف لدى الفرد أصبح مرضاً أو اضطراباً يسيطر على جوانب عدة من حياته، وتبدأ دورة البحث عن الطبيب المعالج! ولكن كيف يكون الحال إذا كان مصدر الخوف هو الطبيب المعالج ؟فيتركز الخوف من حدوث خطأ طبي!! هنا تكون الحالة أشد صعوبة وتعقيداً عند هذا الفرد لشعوره بالخوف من حدوث الخطأ الطبي فيصبح لديه نوع من أنواع الخواف أو الخوف وسوف نطلق عليه هنا( فوبيا الأخطاء الطبية) وفي الواقع فإن هذه الأخطاء ازدادت انتشاراً في الآونة الأخيرة وقد لا يخلو مستشفى أو مركز طبي من هذه الأخطاء التي قد تؤدي بحياة المريض ، ويعرّف الخطأ الطبي بأنه فشل في إتمام العملية العلاجية كما ينبغي ، ويعرّف أيضاً بأنه نتيجة غير مرغوب فيها كان من الممكن تفاديها ، وتتنوع أشكال الأخطاء الطبية وأسبابها ، فمن أهم الأسباب استقطاب طواقم طبية حديثة التخرج أو غير مؤهلة بما فيه الكفاية من بعض الدول الصديقة بالإضافة إلى سوء التواصل اللغوي بين الأطباء والمرضى ممن لا يتحدثون العربية ، وسوء الإجراءات المتبعة في التشخيص، ونقص التدريب، أو عدم توفر الإمكانات الطبية وقلة العناية واليقظة ، والأسباب كثيرة ومتنوعة إلا أن وزارة الصحة تتحمل النسبة الأكبر من هذه الأخطاء الطبية ، فلدينا العديد من الأطباء السعوديين اللذين اكتسبوا الخبرة في المجالات الطبية في شتى التخصصات إلا أن وزارة الصحة تقوم بعد ذلك بتعيين وتكليف أصحاب الخبرة من الأطباء في أعمال إدارية كإدارة الشؤون الصحية أو المستشفى أو رئاسة أقسام طبية مساعدة يستطيع المؤهلين في الإدارة الصحية إدارتها وقيادتها على أكمل وجه لا سيما أن أعداد خريجي الدراسات العليا في هذا التخصص كبيرة جداً بل أنه تم إهمالهم تماماً، ومن هنا فلا بد من أخذ كافة الحلول والإجراءات للحد من انتشار هذه المعضلة الطبية وذلك باستقطاب الطواقم الطبية الأكثر كفاءة وخبرة بدلاً من استقطاب حديثي التخرج اللذين يكملون تدريبهم بمستشفياتنا حيث هذا الواقع الذي تعيشه بلادنا الحبيبة في هذا الجانب الهام، والحلول جداً بسيطة لو اتبعت الوزارة خطط جديدة في الإستفادة من الأطباء السعوديين والأخصائيين والفنيين في مجالات الطب بعيداً عن أي أعمال إدارية وإصدار قرار في حق كل الأطباء وغيرهم من الكوادر الطبية اللذين يمارسون أعمال إدارية بالتفرغ التام لممارسة مهنهم الطبية فقط ، وتعيين أخصائيي الإدارة الصحية والمستشفيات المؤهلين بدرجات عليا من إدارة تلك المرافق وعلى رأسها إدارات الشؤون الصحية في المناطق والمحافظات والبعد كل البعد عن المحاباة والمجاملة في تعيينات مدراء الشؤون الصحية من الأطباء والاستفادة منهم في تشخيص وعلاج المرضى وخصوصاً المواطنين في أرجاء المملكة الحبيبة،
ورسالتي لمعالي وزير الصحة بضرورة وضع خطط تطويرية شاملة على أرض الواقع مع التغيير الجذري في سياسة الوزارة بدون محاباة لأحد ، فمنذ أن تأسست الدولة السعودية أعزها الله وسياسة وزارة الصحة لم تتغير وتسير على نفس النمط والوتيرة مع عدم الإنكار بزيادة عدد المستشفيات والمراكز الصحية إلا أن الخدمة المقدمة مكانك راوح، لم تتقدم بالرغم من دخول مجال الجودة الشاملة في العملية العلاجية ، إلا أنها لا تزال حبر على ورق ونماذج قابلة للشطب والتعديل..
وعوداً إلى ذي بدء فإن فوبيا الأخطاء الطبية يعتمد علاجها على علاج الواقع الصحي أولاً فليس من النافع بعد وقوع الخطأ الطبي وإزهاق الأرواح أن نطالب بتعويض، فنظام التعويضات شبه معطل لدينا إن لم يكن معطل تماماً ونظام الهيئة الطبية يحتاج إلى عدة أشهر أو سنوات حتى يفصل في قضية وبتعويضات رمزية كما هو الحال في الخطأ الطبي الذي تسبب في إصابة طفلة جازان بمرض نقص المناعة المكتسبة ومعاملة التعويض لا تزال تتأرجح من دائرة إلى أخرى منذ أكثر من سنتين ، وهل يجدي التعويض؟؟؟ وبالرغم من عدم جدوى التعويض إلا أنه يعد بمثابة مواساة لأصحابه وينبغي عدم المماطلة فيه كما هو الحال في شركات التأمين الطبي التي لا توجد رقابة مستمرة عليها..والمواطن هو الضحية بين الأخطاء الطبية ومماطلة شركات التأمين، والله المستعان.