تقييم الأداء الوظيفي أداة دورية لمراجعة الإنتاجية العامة لأي منشأة وهو مبضع الطبيب لإصلاح أي خلل يعرض في المسيرة العملية للموظفين ومن خلاله يتم تحفيز المجتهد وتعديل سلوك المقصر.
وقد شاعت تقارير تقييم الأداء في اعقاب الحرب العالمية الثانية وهي من بقايا نظرية (الإدارة بالأهداف) التي تخول الرئيس بوضع أهدافا للقسم ثم يركز على ما يحتاجه كل موظف على حدة من أجل تحقيق هذه الأهداف. وقد صممت في الأساس لتنقل رأيا موضوعيا ونزيها عن الموظف وتقدم دراسة واضحة لطبيعة الموظفين مما يسهل معرفة مواهبهم وميولهم للاستفادة من قدراتهم بتوظيف مهاراتهم التوظيف الأمثل لتحقيق العائد المنشود لكلا الطرفين.
وهو محور التطوير المهني في كل مؤسسات العمل إلا إنه في الشركات يظهر جليا كون التزاما بتطبيق نقاطة بكل دقة إلى حد ما. وبناء على نسبته تتحدد نسبة الزيادة السنوية ويدخل قسرا في قيمة العائد التقاعدي على اعتبار التراكم الرقمي للراتب السنوي وكذلك في معدل الأجر الإضافي للساعة وهو ما يعرف بخارج الدوام.
إذا فالتقييم يلعب دورا محوريا في عائدات الموظف الآنية والآجلة ولذلك فهو محط اهتمام بالغ من لدن الموظف الذي ينظر بعين الترقب ما بين الرجاء والخوف. وفكره في شغل دائم وما أن تظهر بشائر تقسيم الكعكة حتى تطلق رصاصات الاتهامات تجاه الإدارة الجائرة في نظر من اعتقدوا أنها صادرت أحقيتهم في التميز وجيرته لمن هم في خارطة ودها. ومبعث هذا الشعور الحانق المسيطر على كل أحاسيس الموظف هو شعوره بأنه الحلقة الأضعف مما يجعله يعيش في نفق الصراع المظلم ذاتيا ما بين القبول بالوضع الراهن وتسلية النفس بأن القادم أحلى في ظل تطمينات أصحاب القرار، وما بين إسقاط ظلمه على أشخاص لا يحظى بقبولهم العاطفي البعيد عن المهنية ويعزو ذلك إلى عدم وجود واسطة أوما يسمى عرفيا في الأوساط العملية بالظهر كل ذلك كنوع من التنفيس وتفريغ الشحنات السالبة وذاك ديدن من اكتوى بأي نوع من الجور أو تلقى ظلم يعتقد أنه إجحاف بحقه.
يؤيد ذلك حضور الرؤية الفرويدية في سيكولوجية الفرد السعودي وما ينتج عنها من الازدواجية بين الأنا العليا و الأنا السفلى الأمر الذي يؤخر تطور الفرد السعودي وينتج عنه قلق تجاه الحياة بشكل عام وايضا تجاه الآخرأي التوجس الدائم من أي أمر فيه تنافس.
قد تكون تلك النظرة محقة، فليس كل من يقوم بعملية تقييم الأداء ملما بهدف التقييم الذي هو مساعدة جميع الموظفين على التقدم والتطور المستمر وتحسين مهارات الجميع مما يعزز أداء المنشأة ككل بل يتعدى ذلك إلى جعلها بيئة عمل جاذبة. ومما يعزز هذه النظرة التوجسية هو استخدام المقيم لمعايير مطاطية اثناء المصادقة على أحقية التميز كاستخدامه متعاون متميز صاحب مبادرات دون استخدامه تلك المعايير القياسية الدقيقة لما يقوم به الموظف من انجازات او اعمال تشهد له بأحقية ما ناله ومن هنا يكون مسرح الجدل والتكهنات والدخول في الذمم ممرا مشرع الأبواب.
وقد اتحالف مع تلك الذات التي تؤمن بتدخل العاطفة كون النفس البشرية أسيرة هواها إلا ما ندر. وهنا تكون الطامة فالجرم متعدي والضرر مركباً فهو سلب برتبة سرقة ومنح برتبة فساد والخسارة مضاعفة إحباط كفاءة وتكريم مفلس.
ولابد لنجاح التقييم من الاتكاء على خلفية علمية منضبطة تحدد المصطلحات وتوجه دفة التقييم بآلية واضحة ومعايير ثابتة تحول دون التأويل ولا يتأتى ذلك إلا عن طريق الحيادية والرصد لكل منجز وتدوين كل تقصير ثم النظر إلى رجوح أي كفة ولكن قبل ذلك كله على المقيم أن يسأل نفسه بكل صدق وتجرد عن الآتي:
هل منحت الفرص بالتساوي للجميع؟
هل عين الرضا نظرت للجميع بذات المساحة وحدقت بذات الاهتمام؟
ومها كانت النظرة فإن الصراع بين الاستحقاق المسلوب والاستحواذ المنشود سيستمر ولكن حدته هي التي تتغير حسب حدقت النظرة وتركيزها.