يعتقد بعض المديرين بأهمية إحكام السيطرة على فريق العمل , حتى يصلون لمرحلة تضييق الخناق عليهم , وتحويل بيئة العمل إلى ساحة حرب مستمرة , بحيث يكون المدير هو الفائز الدائم فيها , فيصبح كعدو يترصد أخطاء فريقه لمعاقبتهم ، بينما الموظفون – في المقابل - يكيدون له ويسعون إلى الانتقام منه , وبدلاُ من أن يكون مسار الفريق نحو الإنجاز , يقودهم المدير إلى التفكك والانشغال الرخيص بفضح هفوات بعضهم البعض.
لن تكون يا عزيزي المدير منتصراً فعلياً , فيما لو " كشفت " الموظفين أمامك وأمام أنفسهم حد التعرية، حيث لن يجدوا سبيلاً سوى المواجهة أو الهرب، ويظل الأفضل دائماً أن تفتح لفريقك طرقاً يخرج عبرها من زلاته بكرامته , بدل وضعهم في العقبات المحرجة , حتى يهربوا منك وتخسر جهدهم ويتراجع نشاطهم في العمل كنوع من الدفاع عن النفس , أمام مدير نصب نفسه عدواً لهم،
عزيزي المدير .. كان يجب أن تكسبهم بنوع من التغافل الذكي , والتجاوز .. وذلك ليس غباء وسذاجة بل منتهى الذكاء والفطنة، فالتغافل فن إداري , وهو نصف الحكمة , وأحد أسرار القادة العظماء، ولا شك أن الأخطاء أنواع، منها ما يجب إصلاحها والوقوف عندها، لأنها تؤثر في سير العمل مثلاً، وهناك تلك التي لا تؤثر في شيء أو يكون تأثيرها محدوداً ويمكن تداركها
نحن بالنهاية بشر غير معصومين ، لذا فإن التجاوز من رجاحة العقل والحكمة، وقال الحسن البصري: (ما استقصى كريمٌ قـط) .. ولذلك نقول : أين كرم النفس عند من يُفتش عن الزلات صغيرها وكبيرها , ويعاتب على الهفوات جليلها وحقيرها؟
تجاهل .. وأعدك بتحقيق السيادة على فريقك وكسبهم.
ويبقى من أعظم المصائب أن نعمل مع أُناس يدققون في أعمالنا , ليس لهم هم إلا الانتقاد والتدقيق في صغائر الأمور، وادعاء الذكاء المفرط ، وأنه لا أحد يستطيع استغفالهم , فهم دائما متتبعون لكل شاردة وواردة ... لماذا .. وأين .. وكيف .. ومتى .. ؟
لذا فإن التغافل صفة من أساسيات نجاح المديرين , وأحد قوانين القيادة , فلن يبدع موظف بالمحاسبة على توافه الأمور وتضخيمها، ولن يكون المدير محبوباً ومرغوباً إلا إذا كسب فريقه بالحكمة