حملهم على كتفيه طيلة أيام شبابه، وبعد أن كبروا، ودب فيه الضعف والمرض حملوا عليه فذبحوه من الوريد إلى الوريد، ولم يكتفوا بذلك، فاجتمعوا حول نعشه وأخرج كل واحد منهم سكينا وبدأ يحزُّ بها قطعةً من جسده، فهو -في نظرهم- لا يصلح لأن يدفن كلاً واحدًا.
هذه هي الصورة التي قوبل بها كل مربٍّ في مجتمعنا ودون استثناء منصف، أو قسطاس يقصي أصحاب الهمم عن غيرهم!
فمن يموت بين طلابه وهو يؤدي درسه مصابا بسكتة، أو يسقط مغشيا عليه ثم يُحمَل للعلاج سريعا فيُكتشف أنه أصيب بجلطة، أو تلك التي تنهض من فراش زوجها منتصف الليل وتودع أطفالها لتخرج في سفر ومشقة ثم يُطرق الباب من الظهيرة فيستنفر الجميع لاستقبالها وإذ به الناعي ينعى خبر وفاتها، أو حتى من يصاب أثناء خدمته بضغط أو سكري، كل أولئك منكَرٌ فضلهم، مجحود خيرهم، ولم يقدموا لمجتمعهم شيئا!
يقلب القارئ ناظريه في الإعلام العالمي فيرى أعجب الصور والأخبار التي تنبئ عن إجلال المعلم وتقديسه، ثم ييمم إلى إعلامنا ومواقع تواصلنا فيصطك وجهه بما يهدم كيان بناة المجتمع ويوهن عزائمهم.
(هاشتاق) هنا، وقرار هناك، ومقال بين هذا وذاك، يتتبعون سقطاته، ويضخمون زلاته، وينخرون -حسدًا وكراهيةً وبغضًا- راتبه وإجازاته، كما ينخر السوس سنًّا، أو الأرضة جِذعا يابسا.
وحتى على مستوى التعاملات الاجتماعية ليس إلا أن تكون معلما أو معلمة حتى يضرب بتقديرك واحترامك عرض الحائط!
هل الذنب ذنبي ياسيدي أن تركتَ يوما مقاعد الدراسة ولم تكن كفئًا كغيرك للقداسة؟!
أم أنه طبع (ال.....) أن تنهش اليد التي تغذيها وتمتد إليها بالخير؟!
ورغم كل ما يحدث، ورغم كل تلك الأفواه التي تنفخ لتطفئ شمعةً دام عطاؤها وشعشع ضوؤها، إلا أن تلك الشمعة تقول: استمروا في النفخ بأنفاسكم النتنة، فلن ازداد الا اشتعالا حتى ولو واجهت ريحا بدلا من أفواهكم.
فطوبى لكم أيها الغرباء.
1 comment
معلم
04/08/2018 at 7:31 م[3] Link to this comment
مقال يصف الواقع و الحال
رائع كروعة كاتبه
أصبت في الوصف أستاذي وبارك الله فيك