قد يتهمني البعض من خلال هذه الأسطر بالليبرالية، أو أنني من أنصار تحرير المرأة وإسقاط الولاية، لكنني أبتدؤهم القول قبل أن يطلقوا الاتهامات ويكيلوا ألوان السِّباب والشتائم: أزيلوا عن أعينكم عُتْمَةَ منظار الأنانية، وانظروا للواقع بشيء من حنان الأبوَّة والأخوَّة والإنسانيَّة.
أقمنا الدنيا ولم نقعدها حين طالبت بعض فتيات مجتمعنا-وأقول بعض- بإسقاط الولاية، فهل بحثنا عن الأسباب؟!
أم أننا تعاملنا مع الأمر بإباء الرجولة وعِزَّة التسلُّط والسلطة.
سادتي من الآباء والإخوان وأصحاب الولاية:
هناك أزهارٌ تفتَّحت وهي في طريقها إلى الذبول وأنتم السبب وراء ذبولها، أزهار لم تُخْلَق لمجرد إمتاع النظر بها ومراقبتها وهي تنمو وتتفتح، أزهارٌ هي أحوج ما تكون للاهتمام والرعاية، وبالطبع لن تكونوا أبدًا من يهتم بها ويرعاها حتى وإن كنتم في يومٍ من وضع بذورها وسقاها فترةً من الزمن؛ لأن كل مرحلةٍ من مراحل نمو تلك الأزهار لها من يوليها نوعًا خاصًّا من الرعاية والاهتمام بعيدًا عن الآخرين؛ فليست الرعاية كما هي من وجهة نظركم مجرد ماء وغذاء وهواء ثم تحبسونها تحت أسقف منازلكم لتستفردوا بجمالها وروعتها؛ لأنها ستتحور حينها إلى أشواك جارحةٍ تؤذي كل من حولها.
ولأُخْرِجكم من بوتقة الأزهار الكنيوية وأنقلَكم إلى عالم الحقيقة والواقع؛ أضع بين أيديكم قول الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم: (إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض).
لابد الآن وأن الفكرة قد وصلت، فلا تكونوا سببًا في فتنةٍ وفسادٍ -بدأت بوادرها في الظهور- فتُسألون أمام ملك الملوك، وتحاسبون أشد الحساب.
لا تجعلوا تلك المسكينة حبيسة جدرانكم لتتاجروا بها بربحٍ دون خسارة، وتقيموا عليها-وببالغ الأسف- مناقصاتكم ومزايداتكم.
لا تقتلوا طموحاتها وأحلامها من أجل عادات وتقاليد عفى عليها الزمان، وأصبحت في خبر كان.
لا تجعلوا منها ألعوبةً في أيدي المبتزين من وحوش البشر لأنكم أبيتم إلا أن تكون وقفًا على ابن عم أو ابن خال.
فتياتنا يا سادة لسن دمىً للعب والتحريك بإرادة عاقل أو جاهل، هنَّ كيان وأحاسيس ومشاعر مثلكم بالضبط.
هذه الجراح التي أثخنتم بها جسد مجتمعنا أيها السادة - بحرمانه من تكوين أسرٍ بانيةٍ ومنتجةٍ تعين على نمائه وازدهاره - لن يكون دواؤها بمجرد قوانينَ تُسن، أو أحكامًا تُصدَر، إنما هو بوعي مجتمع، وإحساسٍ بالمسؤولية وبمعاناة الطرف الآخر.
عاجل
بقلم - يوسف الشيخي

أزهارنا تذبل
Permanent link to this article: http://www.eshraqlife.net/articles/246114.html