تحل علينا الذكرى الـ 88 ليومنا الوطني المجيد .. وبلادنا من أقصاها إلى أقصاها .. تنعم بالأمن والرخاء .
.
فالمواطن في أي جزء من بلادنا يعيش التنمية , ويتفيأ الخير والرفاه والأمل العريض , التي شملت المدن والقرى على السواء .
.
فالمعطيات التي توفرت في العاصمة الرياض ، هي موجودة أو عدد منها في القرية التي تسكنها في أعالي جبال السروات مثلاً ، أو في البلدة الساحلية على ضفاف الخليج , أو في الهجرة القابعة في عمق الصحراء .
.
تلك المعطيات لم تهبط عليك فجأة من السماء ، وإنما جاءت بتوفيق ونعمة الله تعالى أولاً، ثم ببركة ومجهود الدولة ، هذا الكيان الشامخ ، الذي أقامه وتعب من أجله ، وناضل كثيراً حتى توحدت أطرافه ، وقامت أركانه ، رجل عملاق ، هو بكل المقاييس بطل قومي ، وزعيم عالمي ، وعبقري عظيم ، من أفذاذ قادة القرن العشرين .
.
إنه صقر الجزيرة جلالة الملك الموحد عبد العزيز آل سعود رحمه الله .. ولك أن تتخيل لو أن ذلك الزعيم العظيم اقتصر على استعادة ملك آبائه وأجداده في الرياض ، أو حتى نجد ... كيف يمكن أن يكون شكل التكتلات التي كانت ستنشأ في شبه الجزيرة العربية ، في شرقها ، وفي جنوبها ، في غربها ، وفي شمالها ؟.
.
لكن الله تعالى ألهم ذلك القائد التاريخي , الذي سبق عصره حقيقة , لأن يكون واسع الرؤية ، وقارئاً شديد القراءة للمستقبل ، ومستشرفاً عبقريا للأفق البعيد ، وصاحب قرار ورؤية استراتيجية , عندما قام في عزيمة لا تلين ، وفي همة لا تتوقف , وفي جسارة قل مثيلها ... في أن يواصل ضم كل أرجاء معظم شبه الجزيرة العربية .
.
لتكون أول وأعظم دولة وحدوية عربية .. ولتكون بلداً واحداً ، وأمة واحدة ، وصفاٌ واحداً ، يشد بعضه بعضا .. فخيرات شرقه هي لكل أرجائه ، ومعطيات جنوبه لكل أجزاءه ، وأفضال وسطه وشماله وغربه هي لكل بقعة من بقاعه .
.
وكان من فضل الله تعالى أن بلادنا , أنها أرض متنوعة الطبوغرافيا ، ومتعددة العطايا وغزيرة الثقافات .. فقد حدث بين أجزائها حالة فريدة من التكامل والثراء في كل شيء ، واستطاع مشروع وحدة وتوحيد بلادنا أن يصهر كل ذلك التنوع في بوتقة واحدة ، يغترف منها المواطن السعودي ، وجبة وطنية شهية - متعددة الأطباق والمذاقات .
.
وعندما تحلّ ذكرى اليوم الوطني لبلادنا، يتوجب علينا كـ سعوديين أن نفهم بعمق معنى ومغزى أبعاد هذه المناسبة ، بمعنى أنها ليست مناسبة احتفالية ذات طقوس معينة ، نتماهى معها في قصائد وطنية وحسب .
.
وإنما للمناسبة أبعاد أعمق ، فهي تعني أن كل ما هو تحت يدك كمواطن ، أنما هو ثمرة جهاد عظيم قاده المؤسس ورجاله ، وشاد أركانه ، وأرسى دعائمه بكفاح طويل وتضحيات عظيمة , دامت عدة سنوات
.
والمناسبة تعني أيضا أننا - أنت وأنا - مطالبون بأن نكون (أمناء) على هذه الوحدة ، وان نكون أوفياء لجهاد المؤسس .. وأن نظل - جيلا بعد جيل - نبذل الغالي والرخيص لخدمة هذا الكيان الشامخ .
.
وان نكون على الدوام حراسا وعيونا يقظة , نحمي هذا المنجز البهي - من عبث المتربصين ومن حسد الحاسدين .
.
وأن نضع هذا الوطن العزيز في (حدقات عيوننا) ... ووسط مهجنا على الدوام ... بل وان نذوب في حبه قولا وفعلا ... فهو يستحق ذلك وأكثر .