لا يخلو العمر من اللحظات الجميلة ، والأوقات السعيدة في أيامه ولياليه ، وكذلك العكس من الوداع والحزن ، وهذه من أسس الحياة التي لا جدال عليها .
في تلك الليلة " العارضية " التي كان بدرها الذي أشع بنوره ، بين الأروقة ، في تلك الندوة ، الشاعر والأديب الأستاذ حمد بن عبدالله العقيل ، وبلا شك إن لا جمال للبدر من غير النجوم ، فكان لهذه الندوة نجوم ساطعة بجمال أدبهم وشعرهم وثقافتهم ؛ شخصيات تعجز أحرفي عن وصفهم ووصف إبداعهم الخالد .. كان لشخصي المتواضع حضور بشوق ولو سأل الناس منابع الشوق في تلك اللحظة أين الشوق ؟ لكانت الإجابة الحاضرة ، حبي للأدب وحروفه ، وتذوقه وسماع رنينه من أهله بنبرات اصواتهم المختلفة ، متذوق لثماره اليانعة من معانيه المتنوعة.. هكذا كان الجواب من الشوق بلا شك .
نعم .. حضوري في تلك الساحة الأدبية كنت كالأرض الجدباء العاطشه ، مستبشراً بالندى المتساقط من خدود ورد أدباء تلك الأمسية ، حتى أسقي بها ثمار وردي المتعطشة ، ولقد حصل ما كنت أتمناه، وكان نداهم كقطرات العسل اللذيذة ، ولو هناك أجمل ذوق من العسل لكان مذاقها أجمل من ذلك ..
وبين هذه اللحضات العُمرية أَبت ظروفي إلا أن تخترق جدار وساحة الأمسية وتحملني للمغادرة قبل أكمال مشاهدة الجمال الأدبي .. وتجعلني مغادراً بخطواتي الثقيلة وكأني من الحياةِ راحلٌ .. وفي سمعي وحسي تتدرج غياب سماع رنينن الأمسية ومع الفراق رافقتني الدموع المنحدرة ، والأمل يواسيني ويبشرني باللقاء بهم مجدداً في المستقبل على خير وبخير .. ولقد رضيت بتلك المواساة ، ورحلت، وأمل اللقاء قائم