يوم جديد استيقظت فيه وأعددت عدتي ، وتلك العدة أكثر ماتكون شماغي وعقالي الذي هممت به لتخويف بعض المتمردين الصغار في مملكة منزلي عندما حآن وقت النوم ونسيت أين وضعته ، وجوالاتي التي أشغلت نفسي بها كغيري ممن أشبهت في حياتهم الأكل والشرب .
لا أطيل عليكم وأنا في طريقي إلى عملي في هذا اليوم الذي منحنا الله أياه زيادةً في أعمارنا تواردت إلى ذهني خواطر كثيرة، وبين هذا وذاك قلت لايمنع بأستراجاع شيء من الماضي وبعض الأحدات العابرة ، منها مايمكن أن يكون من الهبات الربانية الحسنة وغيرها قد يكون هبة شيطانية لايمكن ازالتها من العقل الباطن وإخفاءها من صفحة الأيام لأن اثرها الرجعي يهيمن بسلطته المستعصية على مكامن استحضار الذاكرة .
منكم التمس العذر لعلمي المسبق أن القارئ يريد الزبدة ، كما نوهت الغرض هو إزاحة طول المسافة بين المنزل والعمل ، ليخطر ببالي مسألة خطيرة لعل الله منّ علينا بأماطتها عنا مع يقيني بأن ذلك هو صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ، أمد الله في عمره , فلم تخف عليه تلك البذرة الإخوانية الفاسدة , التي أجتاحت بفكرها الضال المضل المجتمع العربي ، وحظيت بموطيء قدم في بلادنا حماها الله من خبثهم ، وأزال عنها من يقتدي بمنهجهم المضل ، فقد وفدت إلينا بوشاحها المبهرج بصبغةالحلال والحرام ، لأن كل مكر يحتاج إلى وسيلة تدخل من الباب الأوفر حظاً ولأن الدين هو الباب الوحيد لعرض سلعة الحيلة ، ومنه بدأوا في شرعنة الإنكفاء والأنزواء وتكريس الولاء لرموزهم الدينية ومايدينون به هو فقط المنجي من عذاب الآخرة ، في محاولة لأجتثاث معايبر المواءمة بين الحاكم والمحكوم .
وحبكوا المشهد الدرامتيكي للعبة القذرة التي قدمها التيار الإخواني المتغلغل بشعارات دينبة وتقسيمات مجتمعية ، ما انزل الله بها من سلطان ، ولم يجعلها شريعة ومنهاجاً إلا لرؤوس الشر والفتنة ، ومن اهتدى بهداهم .
لقد كانت مرحلة غير عادية بثت سموم التطرف والبدع والتضييق ، من كل حدب وصوب حتى هرع الناس لتلقف المفتين واستشارتهم في الصغيرة والكبيرة وتوافه الأمور ، كثير منها من باب الوسوسة والإظطرابات النفسية ، فخرج المتمعلمون وأنصافهم لممارسة ضروب الوصاية والاقصاء ، والتشمت والتشويه للحياة الإنسانية وكأنهم شعب الله المختار ، وخنقوها بكف الورع الكاذب ، وتمكنت تلك الممارسات الغوغائية من صد محاسن التوافق ، بين العبادة وعمارة الأرض ، ومقاصد خلق الانسان في التأمل والتفكير ، والإستنتاج والإبتكار ، والبحث عن أسرار خلقه ووجوده ، في الكون الفسيح المليء بمقومات فطرية سخرت من أجله .
ولكن كل ما سبق ، كان مغيباً بسبب المد الإخواني ، وسيطرته على منابر التعليم ، والخطابة ، والوعظ المأطر بلغة الترهيب ، والقمع للحرية، بدعاوى البعد عن الإنحلال وأن النار مامنكم إلا واردها ، والجلد بسوط التدين ، رغم أن الأصل الإباحة مالم يحرم بنص شرعي جاء به كتاب مبين ، محكم لايتطرق له الشك والخلل ، ونطق به من لاينطق عن الهوى في سنته الصحيحة المنقاة من أباطيل المرجفين أرباب التوجهات الفكرية المذمومة ، ولست هنا لاكرر مايدركه الفطن وأدنى من يؤمن بالله واليوم الآخر المصدق للرسالة المحمدية ، المنقذة للبشرية من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد .
ولكن هي الغرابة من شناعة التلبيس والتظليل ، والتحكم لبعض الآراء المؤدلجة ، والتي لازال هناك بقاياها فيمن لم يدرك مغبات المآرب ، ويسير دون علم على المنهج الإخواني ، والتشبث بأراء فقهية متنازع فيها على أنها من دين الله ، وتخويف الناس حتى من رحمة ارحم الراحمين .