الدنيا " طُبعتْ على كدر وأنت تريدها *صفواً من الأقدار والأكدار
ومُكلّفُ الأيام ضد طباعها *مُتطلبٌ في الماء جذوة نار " هذا حال الدنيا في صعود وإنحدار يقول ابن القيم أيام الدنيا ؛
كأحلام نوم أو كظل زائل إن أضحكت قليلا أبكت كثيرا ، وإن سرت يوما أو أياما
ساءت أشهرا وأعواما.
يتعرض الإنسان في هذه الدنيا لإبتلاءات ومصائب ولايكاد بيت يخلوا من فقد حبيب أوقريب ولكن هذه سنة الحياة في الكون فالدنيا ليست دار مقام وإنما هي دار عبور وأرتحال ، والموت ليس ضد الحياة وإنما هو جزء منها.
"ذو القرنين" كان وحيد أمه، وأنه كما نعلم جميعا طاف الأرض من مشرقها إلى مغربها فاتحا وداعيا، وأنه لما وصل إلى بابل مرض مرضا شديدا، وأحس بدنو أجله، فلم يخطر بباله حينذاك غير الحزن الذي سيصيب أمه إذا مات، فأرسل لها كبشا عظيما ورسالة، وكتب إليها في الرسالة:
أماه، إنّ هذه الدنيا آجال مكتوبة، وأعمار معلومة، فإن بلغكِ تمام أجلي فاذبحي هذا الكبش، ثم اطبخيه، واصنعي منه طعاما، ثم نادي في الناس أن يحضروا جميعا إلا من فقد عزيزا ، فلما بلغها نبأ موته، عمدت إلى تنفيذ وصيته، فصنعت بالكبش كما طلب، ونادت في الناس كما أوصى، ولكنها تفاجأت أن أحدًا لم يحضر ليتناول طعامها، فعلمت أنه ما من أحد إلا وقد فقد عزيزا، ففهمت مراد ابنها من وصيته تلك، وقالت: رحمك الله من ابن، لقد كنت لي واعظا في موتكَ كما كنتَ في حياتكَ"
ليس المقام هنا لذكر شواهد تؤكد حقيقية الدنيا بأنها غير مستقرة فهذا يعرفه الكبير والصغير ، ولكن مقام دروس وعبر وصبر على أقدار الله خيرها وشرها، فالصبرعلى الأقدار نعمة عظيمة يمن الله بها على من يشاء ، والصبر يورث في النفس الطمأنينه ويزيد في قوة إيمانها.
ودمتم بخير