لم يرق لواحدة من حمامات جارنا أن تبني عشها إلا على الجانب الخارجي لإحدى نوافذ حجرات بيتنا ، تلك الحجرة تحديداً لا نستعملها كثيراً ، ولذلك فقد اطمأنت تلك الحمامة بحدسها الفطري إلى أنها ستكون في مأمن .
.
كل ما تقدم جرى من وراء ظهري ، ولم أعرف إلا وفراخ تلك الحمامة قد بدأت تتحرك استعداداً لمرحة ما قبل الطيران ، رأيت ذلك واضحاً من خلف الزجاج ، وظللت حائراً وحانقاً معا ، هل أفتح النافذة وأقذف بتلك الفراخ إلى عرض الشارع ، بعد أن لوثت المكان ، واحتلت مكاناً ليس لها رغماً عنا ، ومغافلة منها لنا ..
.
أو أن أدعها تكمل مرحلة حضانة فراخها , فقد حصل ما حصل .. ثم بعد ذلك نتولى نحن تنظيف المكان - وأمرنا لله .
.
أنا ... بعد أن هدأت وزال عني الغضب - عنّت لي فكرة .. وهي أن أقدم لها ولفراخها واجب الضيافة (الإجباري) .. إناء من الماء أضعه بجوارها يومياً .. كنوع من الصدقة وعن طيب نفس ، خصوصاً قد أصبحت مجاورة تلك الحمامة الشقية لنا - أمراً واقعاً ...
.
صاحب تلك الحمامة الشقية لا يدري ماذا حل بنا من أذى .. هو فقط سعيد بهوايته تلك تربية الحمام .... وهكذا هو حال العديد من الناس .. يتصرف وفق رؤية ضيقة لا تتجاوز أرنبة أنفه .
.
مشكلة البعض منا أنه لا يفهم ماله وما عليه , فتراه يخلط الأمور خلطا .. فهو يفعل الشيء الجيد ونقيضه معا , دون أن يدرك تلك الشعرة الصغيرة (الحساسة) بينهما
.
فهو مثلا يقف بسيارته في عرض الشارع بجانب المسجد وقوفا مزدوجا في صف موازٍ للسيارات المتوقفة , ثم يدخل المسجد يصلى , وما درى أنه يؤذي الناس بإغلاق أو تضييق الطريق عليهم .
.
بعضهم تصاحبه دهرا .. ثم في أقل هفوة منك (دعنا نقول هفوة) .. تراه يزمجر ويرعد ويزبد .. ثم وأنت في أمان الله , تجده قد قلب لك ظهر المجن , وأدار لك ظهره , و.. و... الخ .
.
وفي المقابل ثمة الكثير من النبلاء الكرماء , الذين يملكون قلوبا تنسى , ونفوسا تصفح .. إن وهب لم يمنّ , وإن قصّر اعتذر مع ابتسامة صادقة ...
.
أولئك (الكبار) هم عزاؤنا .. في عالم بدأ الناس يضيقون ببعضهم .. ويتأففون ممن حولهم لأقل سبب ..
1 comment
ام فهد
01/25/2019 at 3:40 م[3] Link to this comment
اللهم اكرمنا بحسن الخلق لنبلغ أعلى درجات الجنه مع صاحب الخلق الأعلى حبيبنا صلى الله عليه وسلم