سأل بعض الإخوة عن مصدر الغبار في المنطقة الجنوبية الغربية من المملكة ، ولاسيما في الثلث الأخير من يونيو مع شهر يوليو والثلث الأول من أغسطس ..
وحسب تجربتي ومتابعاتي المناخية ، أُجيب بالآتي :
غبار المنطقة الجنوبية الغربية 60 في المائة منه تقريبًا يأتي من سهول تهامة .. و 30 في المائة يأتي من السودان و الصحراء الكبرى الأفريقية ... و10 في المائة يأتي من الصحاري الأخرى المحلية كصحراء الربع الخالي والنفود والدهناء و غيرها ..
وفي أغلب السنين فإنه في أشهر الصيف يتم تصوير الغبار عن طريق الأقمار الصناعية ، وهو قادم من السودان والصحراء الكبرى الأفريقية ..
وسبب كثرة الغبار وهيمنته على الأجواء في السنوات الأخيرة هو الجفاف الشديد ، وندرة هطول الغيث في مساحة عالمنا العربي الجغرافية .. ولاسيما الصحاري الرملية كصحراء جنوب العراق ، وصحراء النفود ، وصحراء الدهناء ، وصحراء الربع الخالي ، والصحراء الكبرى الأفريقية ، وصحراء الساحل الغربي من المملكة
فالساحل الغربي والذي يؤثر تأثيرًا مباشرًا بكثرة غباره على جنوب غرب المملكة ، لم يهطل الغيث عليه منذ سنوات طويلة ، إلا رشات خفيفة و قليلة جدًا ومتفرقة ونادرة .. فهي لاتسمن ولاتغني من جوع ، ولو أن الساحل الغربي هطل الغيث عليه بمعناه الحقيقي ، فالغيث يمتاز بالشمولية ويهطل على أكبر مساحة جغرافية ممكنة ،
والمطر يهطل على بعض الأماكن فقط ويترك أماكن أخرى كثيرة كما هو الحال في المنطقة العربية ،
وأفضل الأماكن في العالم التي يهطل عليها الغيث باستمرار البلاد الأوربية ، والسبب في ذلك بعد مشيئة الله تعالى الموقع الجغرافي ،
وأغزر المناطق مطرًا في العالم المناطق الاستوائية ولاسيما منطقة الأمازون في أمريكا الجنوبية ،
ولو أن الغيث يهطل باستمرار على مساحة عالمنا العربي الجغرافية جميعها كما في البلاد الأوربية لانتهي الغبار انتهاءً من أجواء عالمنا العربي ( وانتهاءً ، مفعول مطلق جاء ليؤكد وقوع الفعل )
فهطول الغيث على الساحل الغربي بالنسبة للمنطقة الجنوبية الغربية من المملكة مهم جدًا ؛ لأنه سيخفف الغبار كثيرًا على المنطقة الجنوبية الغربية ؛ فأغلب الغبار يأتي من الساحل الغربي على المنطقة الجنوبية الغربية ،
ولكي ينتهي الغبار على المنطقة العربية ، لابد أن يكون الغيث شاملًا وكثيرًا .. ولايقتصر على بعض الأماكن فقط ويترك أماكن أخرى كثيرة ،
وألاحظ منذ سنوات طويلة كثرة الغبار في كل الفصول ، وأصبح يأتينا غبار محلي من الصحاري الداخلية الآنفة الذكر ، وغبار خارجي من صحراء جنوب العراق والصحراء الكبرى الأفريقية ، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى قلة هطول الغيث وندرته في مساحة عالمنا العربي الجغرافية ،
وكان الغبار قديما في المنطقة الجنوبية الغربية من المملكة قبل عام 1983 م ، يأتي في وقت محدد من السنة ، ويبدأ في الثلث الأخير من يونيو حزيران ، وينتهي في بداية الثلث الأخير من يوليو تموز ، ومدته شهر تقريبًا ، ولا يأتي في كل الأيام بل في بعض الأيام فقط، ولا تزيد تلك الأيام في الغالب عن عشرة أيام .
ثم بعد هذا التأريخ أي في أواخر يوليو تموز تهب الرياح الموسمية الجنوبية الغربية الرطبة ، ويبدأ هطول الأمطار الخريفية في عرف الفلاحين أو الصيفية في الحساب الجغرافي الفلكي ، وينتهي الغبار ، وتحلو الأجواء ، فالجو يطيب نسيمه ، والدنيا بأجمعها تبتسم ،
فهل سيعيد التأريخ المطري الجميل نفسه قبل عام 1983 م في هذه السنة والسنوات القادمة أم أن الجفاف والغبار مكتوبان علينا وعلى عالمنا العربي ؟
.....
فائدة لغوية ...
في المقال السابق ، استخدمتُ أداة الشرط غير الجازمة ( لو ) ، فهي حرف امتناع لامتناع ، أي امتناع فعل الشرط وجوابه ، ولا تأتي ( لو ) إلا في الأشياء المستحيلة البعيدة المنال ، ومشيئة الله تعالى فوق كل شيء :
ولو أن الغيث يهطل باستمرار على مساحة عالمنا العربي الجغرافية جميعها كما في البلاد الأوربية لانتهى الغبار انتهاءً .......
وهل الغيث سيهطل باستمرار على مساحة عالمنا العربي الجغرافية جميعها كما في البلاد الأوربية ؟
هذا أسلوب بعيد المنال ولا يمكن حدوثه بحكم الموقع الجغرافي ، فالصحاري الجافة لايمكن أن تتحول مروجًا وأنهارًا ؛ لأن الله تعالى جعلها جافة ، فالله تعالى جعل التنوع المناخي في كوكب الأرض لحكمة جليلة بالغة ، نعرف بعضها ونجهل أكثرها ، ولله في خلقه شؤون ، ومشيئة الله تعالى فوق كل شيء ..