أحد الكتاب له رأي مختلف حول مشاريع الإفطار الرمضاني الجماعية - بجانب جوامعنا ومساجدنا ، والواقع أنني أرى أن تلك المشاريع هي مظهر رمضاني استثنائي ، وهي واحدة من علائم ومميزات الشهر الفضيل ، بل إنها من بركاته ، وفيض عطائه الذي لا حدود له .
.
رمضان المعظم له كاريزما خاصة ، ومن كاريزماه التفاف العائلة الواحدة حول مائدة الإفطار الرمضاني ، ذلك المشهد وبتلك الحميمية والجمال والألفة ، لا تحدث إلا في رمضان .. وذلك من عطايا شهر الخير والبركة .
.
كما أن محلاتنا التجارية – على سبيل المثال – ترتدي حللاً مختلفة من الأقمشة المزينة بالزخارف الإسلامية ، التي تعبر عن البهجة بالشهر الفضيل .
.
ومن الجماليات في الشهر المبارك أن ترى قبل لحظات من ارتفاع صوت الحق معلناً دخول صلاة المغرب ، التفاف العشرات بل المئات أحيانًا من الصائمين ، حول المائدة الرمضانية للفطور الرمضاني – وجوه تحمل سحنات مختلفة ، وألسنة تتحدث بلغت متنوعة ، وثقافات متباينة ، وأشكال متنوعة ، لكن الاسلام العظيم بجمالياته ، جمع كل أولئك فوق سفرة واحدة .
.
أبعد كل ذلك الجمال وتلك الفخامة الإيمانية - يصح لنا أن نفرط فيها ؟ .. لا .. وألف لا ؟ .. ألا تعلم – قارئ هذه السطور – أنني رأيت طفلاً يحمل وعاءً جاء به من بيته ، قال إن أمه تتصدق به عن أبيها وأمها المتوفيان - للصائمين بجوار المسجد .. ألا تعلم أن لذلك العمل قيمة تربوية في نفس الطفل ، بها يتهذب سلوكه ، ومن خلالها ينمو حب العطف على الآخر في نفسه .. فينشأ معتادًا على الرحمة والشفقة بالضعفاء .. فضلاً عن قيمة العمل نفسه في كونه صدقة لها أجرٌ كبير .
.
ثم أنظر إلى أولئك الفئة من المتطوعين وسط قوافل الصائمين المتراصين على السفرة الضخمة بجانب المسجد ، وهو يوزعون الأكل على السفر ، ويقدمون الماء البارد ، والشوربة والفواكه في لذة تطوع عجيبة ، فتتجسد في أعماقهم "ثقافة التطوع" في أجمل معانيها ..
.
ثم تأمل نظرة غير المسلم لنا ، وهو يرانا نقيم مثل تلك الموائد في بذل سخي للمحتاجين في بلادنا ، وأغلبهم من الوافدين ، كيف سنكبر في عينه ؟ ..
.
وكيف ستظل تلك المائدة ذكرى خالدة في نفوس ألئك الصائمين طيلة أعمارهم حتى بعد سفرهم ، يحدثون بها أهلهم - عندما يعودون إلى ديارهم .
.
يا أيها الأخوة ... إن كان حدث من بعضنا شيء من التقصير مع بعض الوافدين بين ظهرانينا من مظالم أو أخطاء قد تحدث .. فلتكن موائد الإفطار الرمضانية ماسحة لكل تلك الأخطاء أو كثيراً منها .. ولتظل أكفنا ندية معطاءة - في تلك المشاريع الخيرية ... لنكن يداً عليا ، وقلبًا كبيراً ..
(من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العُروف بين الله والناس)
1 comment
ابو احمد
05/09/2019 at 10:35 م[3] Link to this comment
صدقت ابايوسف ومعك في كل ماقلته ولكن المسأله تحتاج شيء من الترشيد والنظام فلكل عمل جانب سلبي ربما يكون غير مقصود ولكن يجب الانتباه اليه ومعالجته مثل المبالغه في تقديم المأكولات حتى تصل لدرجة الاسراف