بدأ فصل الصيف الساخن .. والسياحة نار ..!
ولناس يسيحون في عرقهم، وتسيح أرصدتهم وريالاتهم من جيوبهم!!
والمصطافون يضربون في أطناب الأرض سياحةً داخليةً وخارجية، وفي السنوات الماضية أصبحت السياحة الخارجية هي الأقوى والأبرز على غير العادة، فقد مرت عقود طويلة كانت السياحة الخارجية محصورة في الأثرياء وكبار القوم وبعض هواة السفر الذين يتقنون التخطيط لسفرٍ إقتصادي مقنن. ولا تخلو من عرسان شهر العسل ، وثلةٌ ممن يفضلون السفرات الشبابية في مجموعات لها أغراضها وميولها بريئةً كانت أم لا تعرف رائحة البراءة أحيانا !
أما العوائل متوسطة الحال فكانت سياحتها داخليةً عادةً، وإذا كانت خارجية فهي لدولتين أو ثلاثة محددة لاتخرج عنها إلا في نطاق الخليج العربي.
ولم تكن سنوية .. فربما كانت تمر ثلاث سنوات إلى عشرة دون خروج من البلاد.
لكن !!!
مع تدهور وضع السياحة داخلياً وإستمرار إرتفاع الأسعار، بل قلة وسوء الخدمات والمرافق، ملّ الناس من تكرار تجربة السياحة للداخل واتجهوا للخارج بكل قوة وتصميم.
فأصبحنا نرى سياحُنا في كل دول الأرض بلا استثناء.
بعوائلهم وقضهم وقضيضهم، وأصبح كل رب أسرة يحتاط لعام كامل لبند : السفر خاصة في الصيف.
وكل حسب مقدرته وخبرته واستشاراته من الخليج للمحيط. .. بل وأصبحنا نرى مواطنين يصلون بالسياحة لدول لم نعتد أن نسمع أن أحداً زارها..!!
وأصبحت مكاتب السياحة المعروفة من قديم الزمن.
والغير معروفة، تتخذ من وسائل الاتصال على النت مواقعاً لها ولتطبيقاتها تتسابق على الأستحواذ على:
قطعة من ( كيكة ) السياحة المربحة التي ساحة من حراراة الصيف الساخن من الداخل للخارج ..!
وتنافست تلك المكاتب في تنظيم العروض والبرامج السياحية لكل دول وأصقاع الأرض قريبة أوبعيدة شرقاً أوغرباً وشمالاً أو جنوباً لكل المستويات المادية.
ويكفيك زيارة موقع واحد، أويكفيك منها تحميل تطبيقاً بسيطاً في جوالك لتخطط لرحلتك من الألف للياء، وتحجز تذاكر الطيران والفنادق ووسائل المواصلات وتدفع حساب كل هذا بعملتك المحلية وأنت تحتسي قهوتك وتضع رجلاً على رجل قبل أن تسيح ..!
دون أن تكلف نفسك بالتخطيط لرحلة داخل ربوع وطنك الذي هو بمثابة قارة كاملة تتوفر فيها كل الأجواء والتضاريس التي تؤهلها لتكون جاذبة لأي سائحٍ على وجه البسيطة.
فأن أردت جواً عليلاً منعشاً تجده، وإن أردت خضرة وطبيعة تجدها،وإن أردت شطآناً وبحراً وجدته،وإن كنت تبحث عن المزارات الآثرية وآثار الأسلاف فهي هنا، وإن أردت الحرمين الشريفين - مقصد كل مسلم-
فقد ميز الله أرضنا بهما وبكل ما يخصهما وتهوى أفئدة المسلمين إليهما.
لكن .. !! إن أردت أسعاراً معقولة وتكلفة مقبولة وعدم إستغلال وجشع وإحترام لإنسانيتك ومقدراتك فيؤسفني أن أخبرك :
بإن هذا ليس متوفراً في سياحتنا !!!
فأن حاولت أن تتمتع بجولة في ربوع الوطن وتسكن أماكن تتميز بالنظافة والراحة وبعض الإحترام لك لا لجيبك..! ستتكلف أكثر مما ستكلفك رحلة لدولة خارجية وربما تزيد الفاتورة أن كانت الدولة الخارجية في نطاق اوروبا وأميركا، وربما التكلفة تساوي ماقد تدفعه في بعض دول أوروبا..
وأن تساوت أو زادت كفة السياحة الخارجية عن الداخلية ستكون راضياً تماماً ... لذا اصبحنا نصرف سنوياً مبالغ فلكية في السياحة خارج الوطن، ومليارات ممليرة تضخ لدول العالم من سياحُنا ..!
وكان من الممكن أن يضخ أغلبها داخل الوطن، لولا الجشع والأستغلال وسياسة : اكشط واربح .. وكل فطير وطير..! وكل طريقة ممكنة للسيطرة على السوق التي ينتهجها أصحاب رؤوس الأموال لدينا ليمتصوا مافي الجيب عن بكرة أبيه !!
مخلفين لنا الحسرة والندامة والذكريات السيئة لصيفٍ أفلسنا ولم يملأ إلاّ بطوننا، وربما يملأها بما نضطر لغسل بطوننا بعده..! مما يخرجنا من رحلة سياحية إلى رحلة أخرى علاجية..!
لذلك فضل المصطافون التحرك بأرتالهم وأعدادهم الكبيرة إلى الخارج، حارمين الوطن من خيرٍ كثير. !
ربما يتسأل أحدهم مطالباً اقناعه كيف يمكن أن يكون راضياً عن السياحة الخارجة ان كانت تكلفتها تفوق الداخلية فأقول ياسيدي السياحة لديهم ممنهجه ومخطط لها مسبقا ومعد لها برامج مسبقة والدليل على ذلك انها على مدار السنة فالسياحة عندهم صناعة وحرفة بل مهنة كباقي المهن ..!
اما عندنا فهي مازالت موسمية.!
ولكننا ببعض الإنسانية والعملية الممنهجة والتخطيط والقناعة نستطيع في وطناً بحجم المملكة العربية السعودية أن نجعل من السياحة صناعة إذا وجدت الرقابة المؤهلة لإدارة مشروع سياحي شمولي يرفعها لدرجة التنافسية الحقيقية.
إلّا إن سياحتنا الداخلية مازالت في فترة المخاض ولم تنضج تماماً.
اخبرني أين الرقابة على اسعار بعض الشقق المفروشة التي لا تختلف كثيراً عن مخيمات الأيواء،
اخبرني عن مبررات اسعار المطاعم التي التي تفتقر للنظافة، ويديرها عمالة وافدة غير مؤهلين..!!
انظر وتمعن إلى اسعار تذاكر الدخول للحفلات ودور السينماء..! تجدها مرتفعة قياساً بمتوسط دخل المواطن،
تمحص جيداً في وسائل التنقل وطرقها وتنوعها، أو اخرج في نزهة مع آهلك للاماكن السياحيةالعامة ستجدها تفتقر للخدمات والمرافق، أو اركب مع طفل من أطفالك في أي لعبة من ألعاب الأطفال في احدى مدن الملاهي ستجدها وسائل ترفيه مستهلكة لايوجد لها صيانة وتفتقر إلى وسائل السلامة والأمان
حقيقة مؤلمة أن البرامج السياحية لدينا موسمية ومقتضبة ومحصورة فقط في المدن دون الأرياف والقرى.. بالمختصر المفيد : كل فطير وطير...ولكن ياليت قومي يعلمون..!!
همسة :
أحتاج لوقفة أسترجع فيها لياقتي الذهنية وأستجمع فيها أفكاري لأعود إليكم بجديدي قبل أن تسيح افكاري من حرارة الصيف..!
2 comments
عبدالله الجهني
06/10/2019 at 11:29 م[3] Link to this comment
مقال رائع و وصف بليغ
شكرا لك اخوي جمعان ?
غير معروف
06/21/2019 at 12:11 ص[3] Link to this comment
العفو الله يكرمك