عطفا على ما ذكرناه في المقالة الأولى والتي ختمناها بخلاصة :أن النازعات العائلية وعدم الوضوح وغياب العمل المؤسساتي وندرة المستشار المتمرس، وجهل بعض الورثة والشك في مبدأ العدالة الادارية والمالية وعدم تدريب افراد العائلة وإعطائهم فرصة العمل الاداري بدلا من الاعتماد على مكاتب المحاماة التي في الغالب لا ترغب في الاستقرار ،عجّل بتفشي الخلافات وسرعة الانهيار وفقدان القيمة السوقية والمجتمعية وحتى الأسرية،لأنه ترتب على ذلك قلة الموارد ومشاكل إنتقال الملكية وما يتبعها من تداعيات مدمرة للكيانات التجارية وفقدان السيولة ، بالإضافة إلى أنها تتسبب في جعل الممتلكات العينية اطلالا لايستفاد منها لوجود مشاكل حولها هذا مما يعجل احيانا بأن بعض الورثة سيما من تروادهم نزعة الخلافة والادارة، يعلنون من باب "آخر الدواء الكي" عن رغبتهم بأن ينفصلوا ويكوّنوا شركات خاصة بهم ..والأمثلة والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى ، وللإستدلال من باب تأكيد الوضع المتردي لمعظم تلك الشركات.
احدهم توفي قبل أكثر من عشر سنوات.ولأن ما خلفه من شركات وورث يعد بالمليارات ولم يكن يشاركهم غريب. وكان ابنائه في معزل عن الادارة الفعلية، وكان الأب رحمه الله هو المدير الفعلي مستعينا ببعض الوافدين في الإستشارات وإدارة تلك الشركات ، فمجرد وفاته فجأة كان الورثة آخر من يعلم عن حقيقة قيمة تلك الشركات وما يتوفر من سيولة او ما يمتلكه من عقارا وخلافه ، توقف كل شيء وأخذ حصر الورثة والارث سنوات ، تداعت معه الشركات واصبح معظم العقار اطلال ، لعدم توافق الورثة لكونهم من أمهات عدة بالإضافة إلى مشاكل إدارية ومطالبات من قبل العاملين ،زادت من معاناة الورثة سيما ذوي الدخل المتدني الذين كان يطمعون بالقليل ليجدوا قوت يومهم ، بعد إن كان والدهم في حياته يصرف لهم معونات شهرية تسد حاجتهم ، بالإضافة لتأمين سكناهم ، دون أن يشركهم في الادارة او حتى معرفة ابسط مايدور من اعمال تجاريه.
هذه صورة من صور عدة سمعنا بها او أنني شخصيا مطلع على ملفات بعضا منها،حتى اصبحنا معها نقرن بين أي مشروع شخصي كبير متعثر بوافاة المورث او احد الورثة وإختلاف الورثة ، بل كان مثل ذلك سببا في تعثر بعض المشاريع الحكومية والمشاريع التنموية والسياحية التي تقام على اراضي مستأجرة بعقود طويلة الأجل من قبل المورث، خصوصا في ظل الركود العالمي الذي يجتاح العالم اليوم .
لذلك تقزمت الشركات إلى كيانات تجارية على قواعد هشة تديرها العاطفه، والقانون أعمى لعدم وجود حكيم يوجه الورثة إلى انجع الطرق خاصة إذا كانت تلك الشركات او المؤسسات تشكل الدخل الوحيد لجميع الورثة ، بمحاولة لم شمل التقارب والتراضي والتوازن الاداري والتجاري والقبول بالحلول مقابل تنازلات بسيطة قد تؤدي إلى نتائج إيجابية عظيمة ، تساعد على بقاء تلك الشركات والمؤسسات اجيال مستقبلية مديدة،او على الأقل نجاح بعض الورثة في إستقطاب البقية لما فيه الصالح العام ، دون الانهيار التي عادت تأكل الاخضر واليابس ، وتعلن الافلاس والضياع .