مدخل :
سنلتقي يومًا .. وسنعود أحبابًا كما كنا ..
فقط .. إن قدرت - وأنت ماتزال غاضبًا - ألا تريني وجهًا عابسًا ، وجبينًا قاطبًا ...
فـ افعل ؟ ...
اغضب كما تشاء .. لكن هونًا .... لا تطبع "بصمة سوداء" في كبدي يصعب محوها ؟
..
وتذكر .. أن القلوب التي تعانقت يومًا ...
وأن المشاعر التي تمازجت زمنًا ...
لابد .. أن تدفع الأكف لأن تتصافح - من جديد
والأفئدة أن تتلاقى .. وتتراقص جذلى كفراشات الربيع المتناثرة - تحت الشمس وفوق الياسمين .
...
موضوعنا :
وجدت في أحد (القروبات) واحدة من المقولات الفلسفية العميقة لـ د . غازي القصيبي ، يقول فيها : (عندما تعطي الصلاة المكانة الأولى في حياتك ، كل الأمور الباقية تأخذ أماكنها الصحيحة تلقائيًا) ...
.
وهكذا .. كان القصيبي رائعًا ، عميقًا ، ونقيًا .. كان جميلًا في ذاته ، جميلًا في عمله ومخالطته للناس .. ولعلنا نتذكر - مثالًا - كيف كان الإبداع في إدارته ، يوم كان يدير وزارة الصحة في زمانه - بشكل لفت انتباه الناس .. بل وأذهلهم بجديته وحزمه ورقابيته الصارمة .
.
ذات مرة وأنا في زيارة إعلامية لمملكة البحرين برفقة رئيس تحرير مجلة اقرأ ، أ . أسامة السباعي (1987) بدعوة من رئيس جامعة الخليج بالبحرين حينذاك ، معالي د . محمود محمد سفر .. تلقينا ونحن هناك دعوة للغداء من معالي د . غازي القصيبي ، السفير السعودي لدى البحرين يومئذ ، في داره الواقعة على مقربة من بداية الجسر البحري (البحرين – السعودية)
.
الدكتور القصيبي احتفى بنا كثيرًا في تلك (الغدوة) المبسطة الجميلة ، وأفاض علينا من روحه البهية ، وبساطة نفسه البديعة ، حتى أننا تمثلنا - نحن الجالسين – بحق وحقيق قول شاعرنا العربي : (يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا .... نحن الضيوف وأنت ربُ المنزل)
.
اللافت في تلك الجلسة الحميمية - وقد كنا ثلاثة ورابعنا د . القصيبي ، وأظن معنا واحدًا أو اثنان من أبنائه .. أنني قد جلست متأخرًا في مرتبة جلوسي بعد د . سفر و أ . السباعي ، ثم انتحيت جانبًا ، لأتفاجأ بالقصيبي وهو يحمل طبق طعامه ويأتي ليجلس بجانبي ، لتبدأ لدقائق قليلة أحاديث المجاملة التي يقولها الناس عادة في مثل هذه المواقف مع ابتسامات لطيفة من معاليه .. واندهشت وأنا أسأل نفسي : كيف لقامة ثقافية فكرية سياسية كبيرة كالدكتور القصيبي ، أن يجلس - هكذا ببساطة - مع صحفي صغير مثلي ؟
.
وتأكدت حينها أن الكبار يظلون كبارًا .. ليس في أجسامهم وأعمارهم ومناصبهم .. ولكن في أخلاقهم ومواقفهم وبصماتهم الحياتية الراقية ... ثقتهم بأنفسهم تجعلهم (يتباسطون) مع كل الناس من دون غضاضة .
.
لقد كان القصيبي لا أقول مثقفًا ومفكرًا كبيرًا وحسب ، بل كان فيلسوفًا عبقريًا .. قدم للناس والحياة من حوله نتاجًا زاخرًا من الجمال الذي لا حدود له ، سواءً من خلال الجامعة أستاذًا ، أو عبر عمله الوظيفي الوزاري ثم الدبلوماسي .. وفي اثراء حياتنا الثقافية بـ 9 روايات ، و 13 كتابًا ، و 10 داوين شعر .... حتى إذا ما مات شعرنا أننا قد فقدنا - طودًا عظيمًا .
.
وكان د . القصيبي قد تعرض كما زميله الراحل المبدع الجميل ... د . محمد الرشيد ، وزير التربية والتعليم الأسبق ، في فترة معينة لموجة انتقادات شخصية ظالمة - ومؤلمة ، من عدد من غير المنصفين ..
رحم الله ذلكما الوزيرين الألمعيين .
2 comments
غير معروف
06/21/2019 at 3:56 م[3] Link to this comment
من خلال القراءة للمقال استاذ بخيت عشت بين اسطرها وكأنني معك وشدتني شخصية الراحل القصيبي وزادتني له حباً يطغى على مافي القلب له من محبة
وتطرقت لجلوسه بجوارك فهو يطبق من تواضع لله رفعه رحمه الله رحمة الأبرار
شخصية فذة لن تتكرر
بنت الجنوب
06/30/2019 at 5:31 ص[3] Link to this comment
القصيبي شخصيه عبقريه وكتابه حياته في الاداره علم بحد ذاته يدرس ولانسأله الكمال لمن انتقده فالكمال لله ولكنه تنقل في الوزارات وأبدع في كل موضع وضع فيه رحمه الله ورحم استاذنا محمد الرشيدي وغفر لهم