للأسف وللأسف؛ أقولها وأنا أشاهد حالات (الهمجية) واللامبالاة من البعض في مواقف كثيرة، وفي أماكن كثيرة من تلك التي لم تعتمد نظام الترقيم لإعطاء الأولوية لمستحقيها أثناء الاصطفاف في طوابير لإنهاء إجراءاتهم، أو لقضاء احتياجاتهم، فعلى سبيل المثال: تنتظر عند بوابة أحد البنوك لتحويل مبلغ مالي للخارج، وبعد أن يُِفتح الباب ويتدافع الوافدون من مختلف الجنسيات تدخل لتجد نفسك في نهاية طابور طويل، تعاني آلام الوقوف واستنشاق الروائح النفاثة التي تنبعث جرَّاء الوقوف تحت أشعة الشمس الحارقة انتظارًا لفتح بوابة البنك، ثم يأتيك (همجي) بكل صلافة وتبجح يجتاز الصفوف ويتخطى الرقاب؛ ليُنصِّب نفسه في الطليعة، وحين تناقشه وتطلب منه أخذ مكانه في الطابور يرد: (يا أخي أنا سعودي، وبعدين أنا من بدري هنا بس رحت افطر).
عذرًا معاليك؛ لو كنا نعلم لفرشنا لك الأرض وردًا لأنك سعودي، ولأحضرنا لك الإفطار هنا، ولأخرنا الموظفين عن إنجاز أية تعاملات إلى أن تنهي إفطارك، فقط لا تؤاخذنا لأننا لم نتعود الأدب واحترام الآخرين.
في بريطانيا، وقبل أكثر من ستين عامًا كانت هناك غرامات مالية بمقدار مئة جنيه استرليني - وكانت تُعد حينها ثروة - تفرض على كل من لايقف في الطابور، فكان الناس يقفون في طوابير منظمة خشية التعرض للغرامة، أما اليوم فقد أصبح الوقوف في الطابور ثقافة مجتمع، ليس في بريطانيا فحسب، بل في غيرها من دول الغرب*
افتتنا بكثيرٍ من ثقافات الغرب لكننا لم نفتتن بثقافة الانضباط، والتنظيم، واحترام النظام.
الوطن يسير بخطىً ثابتة نحو التطور ورؤية جديدة تجعله في مصاف الدول المتقدمة، والبعض لازال يتحلى بالهمجية، والعنصرية، وسوء الأدب، فأي تقدم نرجوه؟!
إنما التقدم ثقافةٌ، وأخلاقٌ، وتعامل، وبعد ذلك كله يأتي التقدم والتطور في مجالات العمل والبناء والإنتاج.
لم يفت الأوان لأن نثقف أنفسنا، ونغرس الثقافة في نفوس أبنائنا، بعدها سنجني التطور الذي نسعى وراءه.
* بيكاسو وستار بكس/ ياسر حارب
6 pings