كنت أتحدث في لحظة انتظار مع أحد الإخوة من الجالية السودانية - موظفٌ في أحد مكاتب شركة النقل الجماعي- حول الشعب السعودي، وما يتميز به أبناء هذا الشعب العظيم من خصالٍ ومحامد قد لا يمتلكها غيرهم من أبناء الشعوب الأخرى، رسم أمام عينيَّ العديد من الصور المعبرة التي صادفته، تحدث عن الكرم السعودي المُتجلِّي في غير موقف، وضرب مثالاً بشاب يدفع من جيبه قيمة تذكرةٍ لشخص لا يعرف عنه إلا أنه عابرٌ تقطعت به السبل، وتحدث عن ثقافة الشاب السعودي وكيف أنه صادف شابًا أثار دهشته بإتقانه أكثر من أربع أو خمس لغات، يعمل في مجال الترجمة، ثم أردف بالحديث عن الإعلاميِّ السعودي، وبلاغته وقوة حجته في المحاورات والمناقشات، سواءٌ في الإذاعات أو على الشاشات، أو حتى فيما يكتب على الصفحات.
أبحر في السرد والوصف، وأبحرتُ أنا في الإصغاء، أصغى حينًا، وأتداخل حينًا، ثم أعود وأصغي في عُجْبٍ وإعجاب؛ عُجبٌ أن أكون فردًا من أبناء هذا الشعب، وإعجابٌ بذلك الثناء والمديح العذب.
انتهت لحظة الانتظار وغادرت، لكن جولة الفكر ولحظات التأمل كانت للتو قد بدأت؛ فعلى نطاقٍ ضيق، ومن خلال بعض المواقف، كان هذا الرجل شاهدًا يصوِّر المواطن السعودي بصورةٍ قلَّ أن يكون لها نظير، إذًا ماذا لو:
ماذا لو أننا نقلنا تلك الصور الجميلة المشرقة ونشرناها على نطاقٍ واسعٍ، فسقطت كل الأقنعة التي يتخفى وراءها البعض على منصات التواصل ليعيثوا في الأخلاق فسادًا، ويشوهوا الرمز السعودي؛ فلا يُعرَفُ السعودي على تلك المنصات إلا مثقفًا، مهذَّبًا، لا يفتح جدالاً عقيمًا، ولا يدخل في مِراءٍ خاسر، ولا ينطق ببذيء قولٍ، أو يتفوه بفاحشٍ من الكلام.
ماذا لو أننا نقلنا تلك الصورة معنا ونحن نتخطى حدود الوطن، ونرتحل في غير اتجاه؛ بُغيَةَ عملٍ، أو سياحةٍ، أو طلب علمٍ، فلا تقعُ عين راءٍ إلا على وقار السعودي، وسمته، وحسن خلقه، وتمثيله لوطنه وقومه خير تمثيل.
ماذا لو ارتقت بعض المداخلات الهاتفية عبر القنوات، ونُبِذ التعصب الرياضي المقيت، وزالت تلك المهاترات التي تجري داخل الاستديوهات، وتوقف المتشدقون عن الهَرْف بما لا يعرفون.
ماذا لو أننا تعاملنا كما يجب مع من هم تحت أيدينا، ومن يقدمون لنا الخدمات، وترفعنا قليلاً عن كل سفيهٍ يعترضنا في المواقف والأزمات، أو حين نجوب شوارعنا بالسيارات.
ماذا لو أننا فعلاً سرنا على النهج القويم، والتزمنا تلك التعاليم التي رسمها لنا الشارع الحكيم.
حينها ولا شك سيقول كل من رأى سعوديًّا: (هذا سعوديٌّ فاحترموه، هذا سعوديُّ فأحبوه).
لا نريد أن نكون ملائكة، لكنَّ الأمر يستحق المحاولة.
عاجل
بقلم/ يوسف الشيخي

ماذا لو أن
Permanent link to this article: http://www.eshraqlife.net/articles/303156.html
2 comments
أبو محمد
07/20/2019 at 6:25 م[3] Link to this comment
أبدعت أستاذ يوسف .. مقال رائع
غير معروف
07/21/2019 at 3:41 ص[3] Link to this comment
بدددعت??