مشكورةً قامت وزارة الصحة - على وجه الخصوص - وبتوجيه من قيادة هذا البلد - حفظها الله - بوضع رقمٍ للشكاوى والبلاغات؛ وما ذاك إلا محاربةً للفساد، وقضاءً على أدنى شكلٍ من أشكال التهاون والتكاسل، ولينعم المواطن بأفضل الخدمات الصحية، ورغم ذلك يستمر التقصير، ويظل التستُّر على ذلك التقصير ومن بدر منه قائمًا، بذريعة المجاملة لزميل مهنة، أو الظهور بمظهرٍ حسنٍ أمام الجهات المسؤولة.
قبل ما يربو على شهر أخذت والدي لمراجعة عيادة الأسنان في مستشفى القنفذة العام - والتي استهلكت من عمره ما يربو على سنتين رغم عجزه وضعفه - كان طِوال الطريق لا ينفك يدعو أن يكون (أسنسير) العيادات قد تم إصلاحه؛ فقد عانى كثيرًا من صعود السلَّم في آخر مراجعةٍ له، ولكن للأسف كانت الصدمة؛ فالعطل لم يتم إصلاحه، وصعدنا السلَّم مكرهين، فكان لطف الله حائلاً دون سقوطه في موضعين من ذلك السلَّم، انتهينا إلى العيادة، فكانت الصدمة الثانية؛ الطبيب لم يأتِ بعد رغم مضي خمس عشرة دقيقة على بدء الدوام، اضطررت - لظروف عملي - إلى ترك والدي برفقة ابن أختي الذي لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره، ونزلت مسرعًا راغبًا التعريج في طريقي على مدير العيادات لمناقشة كل تلك الإمور معه، ولكن كان للصدمات بقية؛ فسعادته ليس في مكتبه، والغرفة مكتظةٌ بالمراجعين، تناولت هاتفي، ورفعت بلاغًا بما جرى على الرقم المخصص، وبعد نصف ساعةٍ تقريبًا جاءني الاتصال من قسم البلاغات بشؤون القنفذة مبدين استعدادهم لمتابعة الأمر، المهم أن (أقفل البلاغ)، أقفلت البلاغ؛ متفائلاً بأمرِ الإصلاحِ والتحسين، لأفاجأ في المراجعة التالية ببقاء الأمور على ماهي عليه، ثم صادف أن راجعت بعدها بأسبوعين مستشفى المظيلف التابع لنفس المحافظة، حضرت قبل وقت الدوام بما يكفي لأحظى برقم مبكر. بدأ الدوام وانتظر المراجعون المتوافدون قرابة العشرين دقيقة دون تواجد أي موظفٍ خلف طاولة الاستقبال سوى حارس الأمن الذي قام بتسجيل الأسماء حفاظًا على ترتيب المراجعين، ولمعالجة الموقف قام مدير العيادات بتسيير العمل واستقبال المراجعين في مكتبه، اضطررت أيضًا إلى تقديم بلاغ؛ نظرًا لتعطيل المصلحة العامة، فأتاني اتصال الموظفة نفسها بقسم البلاغات بشؤون القنفذة، وبدأت تبرر الموقف (ربما، وربما)، سوف نتصل لمعرفة الواقع، أجبتها: يا أختي الكريمة أنت لست مخوَّلةً بتقديم الأعذار والتبريرات، وإن كان الأمر مجرد اتصالٍ من قبلكم دون زيارة بحثٍ وتحري فبإمكان أي شخص أن يقدم الأعذار والمبررات كما تفعلين أنت الآن. لم يعجبها حديثي فأبدت التذمر من خلال مقاطعتها لي، قلت: سيدتي إن كان الأمر متعلقًا بإقفال البلاغ فقومي بالأمر دون أن تكلفي نفسك عناء التواصل مع إدارة المستشفى، وفعلاً بمجرد أن أقفلت الخط قامت بإقفال البلاغ، وقد تأكدتُ من ذلك بنفسي.
بعد ما سبق من عرض أضع سؤالاً:
إلى متى سنظلُّ بين مطرقة التقصير وسندان التستُّر؟!
بقلم/ يوسف الشيخي

المهم إقفال البلاغ
وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://www.eshraqlife.net/articles/304077.html
11 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓