تعتبر الأسرة هي النواة الأولى في المجتمع فإذا صلحت أنتجت لنا أفرادا أسوياء يشاركون في بناء مجتمعاتهم ، ويكونون لبنة بناءة تساهم في العطاء بعيدا عن السلبيات التي تدمر كيان المجتمع الكبير
إن قوام الأسرة الصغيرة التي ينبثق منها المجتمع هو الأب والأم والأبناء واللاعب الرئيسي في هذا المضمار هو الأب والأم والملقى على عاتقهم مسئولية التربية في بيئة أسرية سليمة ليخرج لنا شباب وبنات أسوياء يدفعون عجلة التنمية في أوطانهم.
وقبل أن تبدأ في قرآءة المقال .. لدي سؤال موجه لك سواء كنت ذكراً أم أنثى ... هل تعتقد بأن أن الأسرة منذ خلق الله البشرية الى الآن لم يحدث بها أي سلوك عدواني أو عنف بين أفرادها ؟
.. أعتقد أن الجواب كان حاضراً في ذهنك قبل إكمال السؤال حتى وصلت إلى علامة الاستفهام ، وأعتقد أيضاً وبدرجة كبيرة أن جزء من شريط الذكريات كان يمر في مخيلتك وأنت تتحضر للإجابة الداخلية عندما كنت تقرأ السؤال .. وهذا أمر طبيعي ودليل على سلامة عقلك وتفكيرك وتحليلك العقلاني الذي يجعل ميزان العقل يتجه نحو المعقول المتاح وتتلاشى في نفس اللحظة الأفكار اللاعقلانية ... وقد تصمت وتبتلع لعابك عندما تتذكر بعض المواقف التي حدثت لك أو لشخص آخر سواء كان كبيراً أو صغيراً ، أو كان أحد أفراد أسرتك أو من أقربائك ، أو جيرانك أو زملائك ، أو من غيرهم ..هنا نقف برهة من الزمن ..نتحدث فيها مع ذواتنا عما أقترفناه في حق أجسادنا وأفكارنا من سلوك عدواني أو عنف جعلنا نتألم جسدياً ، أو نتألم عاطفياً ، عندها تقف الحقائق والمواقف والصور والذكريات والاشخاص والأماكن لتترابط مع بعضها لتكوين ذلك المشهد الذي عاد للذاكرة عندما قرأنا الأسطر السابقة ، ولعل هذا مما تولده الأفكار في زمن مضى من مواقف نتمنى أنها لا تعود وخاصة إن كانت مؤلمة لنا ، أو كان فيها ظلماً لأحد قمنا به بقصد أو بدون قصد .
إننا عندما نقوم بأي سلوك بشري يتسم بسمة الدفاع عن الذات جسدياً وفكرياً ، فإن هذا السلوك بداية قد تم في أول محضن اجتماعي وهو الأسرة منذ الولادة وحتى الافتراق أو الممات ، نصرخ ونبكي ونحن صغار للدفاع عن رغبتنا بما يسد جوع أجسادنا بالفطرة التي وهبها الله فينا ، ثم تكبر أجسادنا ومعها تكبر عقولنا ، ويزداد الإدراك والشعور والاحساس بالذات وبالآخر ، وتتطور لدينا وسائل وسبل وطرق الدفاع عن الذات ، التي ربما تصل الى إيذاء أنفسنا أو أقرب الناس الينا ومن داخل أسرتنا ، لذلك فالسلوك العدواني والجريمة تبدأ غالباً من المحضن الذي يتربى فيه الفرد على السلوك السوي أو العدواني ، ومن أشهر تلك المحاضن الاجتماعية على مستوى العالم هو المحضن الأسري ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه )
همسة
الأسرة هي الموجه الأول للفرد نحو السلوك المستقبلي سواء كان سلوكاً اجتماعياً سوياً أم سلوكاً اجرامياً عدواني .
د عبدالعزيز الحسن
متخصص في علم الجريمة والمشكلات الأسرية
1 comment
أبو سعد
08/09/2019 at 5:40 ص[3] Link to this comment
مقال يحكي الواقع شكرا يا دكتور