التغافل عن هفوات الآخرين لا يُجيدهُ إلا العظماء ولايتقنه إلا الحكماء فهو من خلق وشيم الكرماء أصحاب النفوس الرائعة الزكية فكم بالتغافل وئدة فتنة وأندثرت . قالوا عن التغافل هو إظهار الغفلة عن عيب، مع علمك به، واطلاعك عليه، تفضلًا على المتغافل عنه، وترفعًا عن صغار الأمور وسفسافها.
يقول الشاعر وأسكتُ عن أشياءٍ لو شئتُ قُلتها .. وليس علينا في المقالِ أمير
والتغافل ليس غباء بل هو الذكاء والدهاء بعينه ويدل على رجحان العقل وحسن الخلق وبالتغافل يدوم الوئام وتروض اللئام وتألف الناس ويألفونك . فمن خالط الناس لزمه الصبر على الأذى والتغاضي عن الأخطاء ، فالناس مجبولون على الزلل والخطأ ومن تتبع الهفوات والعثرات اتعب نفسه وغيره، فتجنب عزيزي القارئ التدقيق في كل شاردة وواردة وكل صغيرة وكبيرة ، فالتدقيق نذير فرقة وشتات والإنسان في غنى عن ذلك ويستطيع الإنسان الخروج من هذا المأزق بالتغافل حفاظا على المودة . يقول الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه: (العقل مكيال: ثلثه الفطنة، وثلثاه التغافل)،ويقول الإمام الشافي رحمه الله (الكيّس العاقل هو الفطن المتغافل). وقد ذكر أبو علي الدقاق في مدارج السالكين أنه جاءت امرأة فسألت حاتماً عن مسألة ، فاتفق أنه خرج منها صوت في تلك الحالة فخجلت ،فقال حاتم : ارفعي صوتك فأوهمها أنه أصمّ فسرّت المرأة بذلك ، وقالت : إنه لم يسمع الصوت فلقّب بحاتم الأصم. انتهى. وذكر أبن الأثير أن صلاح الدين الأيوبي كان كثير التغافل عن ذنوب أصحابه يسمع من أحدهم مايكره ولايعلمه بذلك ولايتغير عليه وأنه كان جالسا مرة وعنده جماعة فرمى بعض المماليك بعضا بنعل فأخطأته ووصلت إلى صلاح الدين ووقعت بالقرب منه فالتفت إلى الجهة الأخرى يكلم جليسه ليتغافل عنها.
يقول ابوتمام ليس الغبي بسيد في قومه..لكن سيد قومه المتغابي
ويقصد بالتغابي في ذلك التغافل
همسة
يقول الإمام احمد بن جنبل رحمه الله ” تِسـعُ أعشارِ حُسنِ الخُلقِ في التغافلِ”
ودمتم بخير
3 comments
محمد البارقي
10/05/2019 at 4:07 م[3] Link to this comment
سلمت يداك ..كلام في الصميم
أمل الشهري
10/05/2019 at 4:45 م[3] Link to this comment
رائع جداً أن نمارس التغافل في حياتنا اليوميه فليس في كل شئ او حدث ان نقف عنده ويشغلنا
مميز استاذ احمد انت مودي
محمد البارقي
10/15/2019 at 6:42 م[3] Link to this comment
حكيم