في مجتمع شرقي يجعل دموع الرجال جرمًا يحاسب عليه بكل قسوة الجهل والأنانية كون الرجل هذا الكائن هو جمادًا لا احساس به ولا يملك أي عاطفة، ثم تجد هذا الجلاد يطالب أسيره في مواقف انتقائية بمنح شلالات العطف والحنان والرقة.
وهنا يكون التساؤل أنى لشبح حياة، ناهيك عن منح شعور وعاطفة؟
ولكن إذا ما تجاوزنا ترهات تقاليد بائدة يكون سؤالنا المنطقي متى يبكي الرجل؟
سؤال صعب، ولكن الأصعب هو لماذا يبكي؟
وقبل ذلك كيف يبكي؟
هل هو نحيبا ينتزع الأضلع من بين الحنايا؟
أم هو أنينا خافتًا يسمع الأصم من ألمه؟
أم أنه شلال دموع منهمر في وجه تنبأ كل تقاسيمه بكل تفاصيل حزنه الدفين؟
أم هو ابتسامة عين دامعة؟
ولكن لماذا كل هذا الألم؟
لماذا هذا البكاء الصامت؟
أما من سبب واضح يفسر كل طلاسم هذا الألم والأنين يفك شفرات السفر بعيدًا في صحراء الحزن الدائم؟
لا أعلم حقيقة ولكن احد المقربين مني وهو من اثق في رصانة قوله وصفاء نيته ونقاء سريرته أجاب على سؤالي الأول بقوله الجميل الذي يختصر كل إجابات التوقع والاحتمال بقوله الفريد (دموع الرجال لؤلؤه ثمينه وغاليه
ولا يبكي الرجال الا عند الفقد او الحب) وأردف قائلا (الرجل ذو احساسيس ومشاعر مع انه قوي
ولكن يبكي عند فقد من يحب
او عند العشق بجنون)
حقيقة ما اعلمه أن الرجل لا يبكي عبثا ولأنه كيان عاطفي فهو يبكي بحرقة ولا يبكيه إلا عظيم
إما عزيز رحل، أو أمل برتبة روح فقد.
أو حلم أجمل من حقيقة تبخر.
يبكي ندمًا على عمر ضاع لسوء اختيار وقع.
يبكي على عزيز ذلته ظروف الزمان وعبثية قيود مجتمع غبي يعز التافه ويهمش المتفرد ضمن فلسفاته الجوفاء.
وقد تكون دمعة الرجل تمردا على وضعه المرفوض، وقد تكون شرحًا وافيًا لشكواه من زمانه وظروفه المعاندة،
وقد تكون تلك الدموع ألمًا داخليًا لعجزه من رد المعروف لصاحبه. وقد تكون وجدًا على حبيب لا يستطيع الوصول إليه بمباركة تلك البروتوكولات المعقدة التي لا تظلم إلا من اكتوى بنارها.
هنا تكون دمعة الرجل هي دعوة صادقة تضرعًا الى ربها قائلة (رحماك يارب) ولسان حالها يقول (للرجال عبراتهم)
ولكن ما أجمل تلك الدمعة عندما تكون فرحًا بتحقيق أمراً كان في عداد المستحيل والأجمل أن يولد الأمل من رحم المستحيل.
من يدري قد يكون الحلم حقيقة في يوما ما.
عاجل
بقلم / ابراهيم التوماني

للرجال عبراتهم
Permanent link to this article: http://www.eshraqlife.net/articles/321128.html