عنوان هذا المقال التقطته من بين أبيات شعر ، قيلت في حفلة قديمة للعرضة الجنوبية.. وفيها قال الشاعر الكبير عبدالله البيضاني :
يا ثقيل الدم جنّب دروبي وابعد ابعد
إن الله يبعدك عني فالأرض الواسعة
.
نبدأ موضوعنا ... ونقول ....
أنه لا صوت يعلو - هذه الأيام - فوق صوت "كورونا" .
هذا الـ "سيئ السمعة" .. الذي حل ضيفا ثقيلًا على العالم .. كما مسرحية تراجيدية مؤلمة .
وكان من فرط جنونه .. و"ثقالة دمه" أنه ليس طفيلي ، لحوح ، وفضولي - وحسب .
بل كان نزقًا ، وعدواني .. ولذلك فقد صار يطرق كل الأبواب عُنوة ، ولا يتورع في اقتحامها بفضاضة مستبيحًا من خلفها ....
وكل همه أن يتلبس الناس ، ويلتصق بالبشر ، ثم يعبر إلى دواخلهم ، ليُعمل أنيابه الحادة ومخالبه الصلدة في أحشاء عباد الله .
.
كورونا هذا المتمرد والمتنمر في آن .. لا تقف عجائبه عند حد .. ولذلك فمن فرادة بشاعته أنه لم يولد كـ "فرد" واحد كما هي الفطرة ، بل ولد كقبيلة هائلة ..
جاء من الشرق البعيد ينهب الأرض ، في سرعة العاصفة ، ليجتاح العالم من دون هوادة .. وليذكرنا بتلك الصور الغبراء للمغول والتتار وغزوهم التاريخي المدمر لقطاع عريض من الأرض - قبل سبعة قرون - بقيادة المرعب جنكيز خان .
.
ولعل من عجائب كورونا أنه يفتك بالرجال أكثر من النساء ، وبذلك فقد تحدى ونجح في هزيمة السيد الرجل ، رغم عضلاته المفتولة ، و شواربه المعقوفة أو الناعمة أو "الملحوسة" ...
وظل خفيفًا - نوعا ما - على أخواتنا النساء دون أن نتبين السبب بدقة .. أهو انسجامًا مع "رفقا بالقوارير" ؟ .. أو لأن في جعبة النساء كمية مناعة أقوى من الرجال ؟ .. مع أن دموعهن تسيل مدرارة في مواطن كثيرة أكثر من الرجال .
.
ومن عجائبه أنه أصاب ديناميكية العالم بشلل عجيب ، لم يحدث له مثيل من قبل .. فتوقفت الجامعات والمدارس والمباريات ، وعلقت النشاطات والاحتفالات ، وألغيت المؤتمرات .. وصار المهم منها يتم "من على بعد" بواسطة الـ "سكايبي" .. ووصل الأمر إلى أن (لا سيارة تسير ولا طيارة تطير)
ولزم الناس بيوتهم في .. سجن كبير
.
ويظل السؤال الذي يثور مُلحًا وسط هذا المناخ المرتبك : هل عجزت أبحاث ومعامل العالم الطبية عن انتاج "دواء/ لقاح" لهذا الـ كورونا منذ ديسمبر وحتى الآن ؟ ..
ثمة فرضيات تقال .. وتنشرها صحف في العالم ووسائل التواصل ..
تجعل من يقرأها يقول : " إحم - إحم" ...
.
منها ... أن " كورونا" هذا الشرس المباغت ، ما هو إلا نوع من الحرب البيولوجية ، لضرب اقتصاديات بلد أو بلدان ما ـ ضمن "صراع الديكة" ، الذي لا يتوقف بين الكبار.
أو أنه نتاج أبحاث بالمعامل الطبية ، ثم تسرب كحالة جرثومية بالخطأ...
أو أن ثمة صفقة "من تحت الطاولة" مع واحدة أو أكثر من كبريات شركات الدواء في العالم.
.
لكن .. دعونا ننظر لهذا الشرس كورونا ، على أنه مجرد مرض كسائر الأمراض ، التي تنشأ كغيرها بشكل طبيعي ...
وكورونا - حتى - وإن طاف العالم بجنون عجيب وحماقة لافتة .. فإنه – لا محالة - سينحسر ، ثم ينطفئ ، وتخمد أنفاسه .... وخاصة في الصيف حيث أنه - طبقًا لبعض المختصين - سيتضاءل نشاطه أمام حرارة الطقس ...
.
صحيح أنه خلق فزعًا كبيرًا .. لكن الصحيح كذلك أنه ليس مدمرًا ولا نهاية العالم .. خصوصًا وعدة بلاد في العالم - وبلادنا في مقدمتها - لديها خبرة عريضة في "طب الحشود" ، ما يجعل حالة الاطمئنان حاضرة وبقوة بفضل الله .
.
في - كل الأحوال - سيظل غريب الأطوار هذا - كورونا - ذكرى ينقلها الأجداد للأحفاد ، كقولهم :
(في سنة كورونا قبل 50 عامًا - كان ياما كان)