الحمد لله القائل " ولله جنود السماوات والأرض"
والحمد لله مقلب الأحوال على العباد ليعرفوه ويستغفروه ويعودوا إليه .
والحمد لله الذي حكم على العباد بسنن كونية وشرعية ، لحِكم يعلمها عز وجل لأنه :
"لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون"
والمطلوب منا معاشر المخلوقين شكر الله تعالى على نعمه ، التي لا تعد ولا تحصى "لئن شكرتم لأزيدنكم"
.
أيها الفضلاء - كم لله عز وجل من عطايا ومنح في أنفسنا وأهلينا وأوطاننا ، ربما لا يستشعرها الكثير منا .
الله سبحانه وتعالى لا يقضي لخلقه إلا الخير ، ونحن لعدم إدراكنا ، ننظر إلى الأمور على غير حقيقتها ، وصدق الله تعالى القائل :
" وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم ، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون "
عندما يُقدر الله تعالى بعض الابتلاءات على عباده لحِكم وفوائد عظيمة منها :
- مراجعة الأخطاء والاعتراف بها للعودة إلى المسار الصحيح .
- معرفة عجزنا وضعفنا أمام قوة الله وجبروته .
- معرفة الدنيا على حقيقتها ، والحذر من سرعة انقلابها وزوالها .
- المساهمة الفاعلة في إيقاظ الساهي ، وتحذير الناسي .
- الحد من كبرياء النفوس وغطرستها ، فالقلوب المنكسرة أقرب القلوب إلى الله تعالى .
.
ومع كل هذه الحِكم والابتلاءات، فالله سبحانه وتعالى لم يخلقنا ليشقينا !! .. كلا ؛ إنما خلقنا ليسعدنا .
أيها العقلاء ... ثبت في الأثر:
أن الدنيا دار التواء ، لا دار استواء ومنزل ترح ، لا منزل فرح ؟!
والله جل شأنه إذا سلك ببعض عباده طريق البلاء ، فقد سلك بهم طريق الأنبياء .
إن كل ما نراه حولنا ، مما هو خارج عن - العادة والمألوف - عبارة عن رسائل إلهية ما بين الايجابية والسَلبية كما قال تعالى :
" وما نرسل بالآيات إلا تخويفا "
فرسالة العواصف مع ما فيها من الأضرار ، فهي تعمل على إزالة التشوهات البصرية .
ورسالة جريان الأنهار لغسيل الشواطئ ، وإزالة المخلفات .
.
أيها الفضلاء :
أخبرنا عز وجل في الآية (٥٨) من سورة الإسراء بحتمية العذاب والفناء للجميع فقال تعالى :
" وإن من قرية إلا نحن مُهلكوها قبل يوم القيامة ، أو مُعذبوها عذابا شديدا ، كان ذلك في الكتاب مسطورا "
منذ فجر التاريخ ، والآيات والنذر يرسلها عز وجل على عباده لعلهم يتعظون ويتفكرون ، حتى عم وطم في السنوات الأخيرة أمراض وأوبئة - كرونا مثلا - تجتاح العالم شرقا وغربا ، ويقف العالم أجمع أمامها - مشدوها - معترفين بعجزهم ، وقلة إمكاناتهم .
إن الواجب علينا - معاشر المسلمين - الاتعاظ والاعتبار ، والإيمان بالقضاء والقدر ، والتسلح بالصبر والاستغفار .
.
وواجبنا التعاون التام مع ولاة الأمر - حفظهم الله - ومع العاملين في القطاعات الأمنية والصحية ، فيما يرونه من تدابير وقائية واحترازية لصالح البلاد والعباد .. وتنفيذ كل ما يقررونه بحرص ودقة وتعاون كبير .
.
والحقيقة أن هذه الأزمة تعلمنا أموراً ايجابية ، منها أننا :
١ - قادرون على رفع مستوى العبادة والتلاوة .
٢ - قادرون على تعلم النظام والانضباط .
٣ - قادرون على التوفير والاقتصاد .
٤ - قادرون على تربية و تعليم الأولاد ، دون الحاجة للدروس الخصوصية .
٥ - قادرون على الاستغناء عن المطاعم والأسواق والتبضّع .
٦ - قادرون على الاهتمام بالنظافة أكثر وأفضل .
٧ - قادرون على إتمام مناسبات الزواج بيسر وسهولة .
٨ - قادرون على أخذ المعلومات من مصادرها الصحيحة .
٩ - قادرون على الجدية في حياتنا ، والبعد عن التفاهات .
١٠ - قادرون على إدارة الأزمات ، والتعامل معها .
.
ختاماً ... حقاً وواقعاً ملموساً
" المنح في طيات المحن "
..
المستشار بلجنة إصلاح ذات البين ، بإمارة منطقة مكة المكرمة
4 comments
Skip to comment form ↓
حسين عوظه
03/25/2020 at 8:15 م[3] Link to this comment
شكراً ابو احمد
وكنا نتوقع تدخلك في هذا الأمر من أول دخول هذا الوباء
وهذا وقتك وأمثالك في مثل هذه الأمور
شكراً
تن
03/25/2020 at 8:17 م[3] Link to this comment
ا
احمد الدوسي
03/26/2020 at 1:04 ص[3] Link to this comment
بارك الله فيك يا شيخ مسفر ونفع بعلمك
دسناء السعداوي
03/26/2020 at 5:09 م[3] Link to this comment
اللهم ان السماء سماءك والارض ارضك والخلق خلقك والعبد عبدك ونحن عبيدك رضينا بما قسمت لنا اللهم رحمتك وسعت كل شيء ونحن شيء فلتسعنا رحمتك
إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط.
جزاك الله خيرا