لقد أعجبت كثيراً بقصة ذاك الكلب الوفي الذي مكث لمدة ثلاثة أشهر في المستشفى ذاتها التي مات فيها صاحبه نتيجة إصابته بفايروس كورونا في مدينة ووهان الصينية ، حيث رفض المغادرة وأبى الرحيل وظلَّ ينتظر عودة صديقه الفقيد .
وعن الأصمعي ( الشاعر والراوي ) أنه قال في الوفاء : " إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل ووفاء عهده فانظر إلى حنينه إلى أوطانه ، وتشوقه إلى إخوانه ، وبكاءه على ما مضى من زمانه " ، أما عوف بن النعمان الشيباني فقد قال في الوفاء : " لأن أموت عطشاً ، أحب إليّ من أكون مخلافاً لموعد " .
وللأسف الشديد ، هناك بعض الناس تهجر وطنها وهو يمر بمرحلة تاريخية صعبة ، وتطلب اللجوء والإقامة في بلدانٍ أخرى ، غير آبهة بما سيخلفه ذلك من آثار مدمرة على اقتصاده واستنزاف حاد لموارده البشرية ، وهناك أفراد قد خانوا وطنهم وتحالفوا مع أعداءه ، مدّعين أنهم معارضة وينشدون الخير والاصلاح ! ، وهناك جماعة الطابور الخامس التي تنشط في فبركة الأخبار الكاذبة وبث الفيديوهات المضللة من أجل ضرب النسيج الاجتماعي ، وإثارة الرأي العام ! .
وهناك على المستوى الإنساني ، من لا يقدر المعروف ولا يحفظ الجميل ، فالصداقة عنده تخضع لميزان الربح والخسارة ، والعلاقة به تتأرجح حيث تميل الريح ، ومآلها الخيبة والخذلان . وهناك على صعيد الأسرة والعائلة أناس تنكروا لوشائج القربى وأهملوا والديهم المسنين ولم يراعوا شؤون إخوانهم المحتاجين . ( أي منقلب سينقلبون ) !..
جميل أن تتمتع أخي القارئ بصفات الفارس النبيل ، وتبقى وفياً للعهد والوعد والعقد ، وفياً لمن أسدى لك إحساناً ، وفياً لوطنك الذي تكوّنت فيه ، وفياً لقيادتك التي توفر لك أسباب العيش الكريم ، وداعماً لمشاريعها في البناء والتنمية ، فلا أمان إلا في حضن الوطن ولا كرامة إلا بين الأهل ومن يلمُّ الشمل .
وسلام على الذين لا تبدلهم حياة ولا تفرقهم طرق ولا تغيرهم ظروف .
عاجل
بقلم / بهيرة الحلبي

الوفاء ثم الوفاء
Permanent link to this article: http://www.eshraqlife.net/articles/327560.html