لم يعد العمل الصحفي اليوم، كما كان عليه الحال بالأمس
تغيرت قواعد اللعبة ...
وتبدلت مفاهيم العمل ...
صار على الصحفي أن يلهث ويركض (بشكل مضاعف) عما كان يفعله بالأمس.
بل صار من المتحتم عليه انتهاج (خطوات أكبر اتساعًا .. وأكثر عددًا).
.
الصحفي التقليدي - الذي تعرفه أنت وأنا - لم يعد له ضرورة كبيرة ....
ولم تعد له أهمية ملحوظة ....
فإما أن يطور أدواته .. وإلا فإن عليه أن ينسحب من الميدان، مودعًا "صاحبة الجلالة – الصحافة" ليعيش على ذكرى ماضيه الجميل، بحيث في كل مرة يفاجئ أصدقائه بقصاصة مما كان قد فعله في الماضي ....
ليقول للناس أو لخاصته تحديدًا : "لقد كنت يومًا ما".
كنوع من "جبر الخواطر" لـ نفسه أولًا، ولـ يشعر من حوله - طوعًا أو كرهًا - أنه "مازال يتنفس تحت الماء" ...
.
وسائل التواصل الجديدة (أكلت الجو)، و(كوّشت) على كل شيء، ولم يعد للصحفي التقليدي إلا أن يكتفي بالنظر إليها، محدقًا بذهول تارة، وشـــادًا شعر رأسه تارة أخرى.
.
نعم .. لم يبق له إلا أن ينشر شيئَا أضحى معلومًا – خبرًا صار معروفًا ....
أي أنه - يكرر المكرر
وعندها فإن عمله ذاك (لا - لزوم له)
لماذا ؟ ..
.
لأن ما سـيكتبه ... سبقه إليه غيره قبل ساعات ... (التلفاز - تويتر - سناب شات – فيس بوك - إنستغرام - واتساب) .... الخ
وبدلًا من أن يكون الصحفي التقليدي هو (المصدر) الخبري للناس ... صار هو (المتلقي) .. مثله مثلهم.
.
الذي حدث بالضبط .. هو ...
انقلاب في المفاهيم، وتغير في لعبة الإعلام ... وفي صناعة المهنة - برمتها.
فأنت كصحفي تقليدي تفاجأ - وأنت (تقلّب) القنوات التلفازية أو تويتر وأخواتها - بأن حدثا ما - قد وقع ...
فلا يكون أمامك ألا أن تنقله بسرعة لصحيفتك .. لكن المعضلة أن الناس قد سمعوا وقرأوا عنه منذ ساعات ..
بحيث تكون ردة فعلهم عليك : (صح النوم)
.
ويبقى الحل ... في أمرين :
الأول ... أن يطور الصحفي التقليدي أدواته ومهاراته، ويواكب التقنية إن لم يكن (يســــابقها مسابقة) حتى يكون هو مصدر الخبر الأول .. أو على الأقل يكون من المصادر الأولى .. بعد أن يتعلم و(يشرب التقنية الجديدة – يشربها شربًا) ويصبح ماهرًا بها.
.
والثاني ... أن تكون لديه من المهارات والوعي والقدرة المهنية على أن (يضيف للحدث شيئًا) عبر الاتصال بالمصادر المسؤولة.
أو أن يكتب تقريرًا لما عرف صحفيًا بـ (ما وراء الحدث) وهي قراءة أوسع للحدث، تحليلًا وتفصيلًا وتفكيكًا.
.
غير ذلك .....
فإن الصحفي التقليدي يظل متأخرًا كثيرًا عن الصفوف الأولى.
متأخرًا عن متصدري المشهد الاتصالي .
هذا إن لم يكن قد جاء .. وقد (انتهت الحفلة) أصلًا.