كنا إذا دخل أحدنا المجلس، وفيه حشدٌ كبيرٌ من الناس، وأراد ذلك الداخل إراحة الناس الجالسين من القيام لتحيته .. قال لهم :
(سلام عليكم .. النظر تحية - يالربع)
.
قبل أيام ... وأنا أراجع أحد المرافق الرسمية في جدة وجدت تلك العبارة منتصبة، على حافة منضدة عدد من المسؤولين هناك .. (مع تقديم وتأخير لبعض كلمات تلك الجملة التوعوية)
.
وأتذكر أننا وفي السنوات الأخيرة تحديدًا، أصبحنا إذا التقينا بصديق أو زميل أو من (الرفاقة) كنا لا نصافحه فقط .. بل نلتزمه في عناق حار .. (وهااات ياقبلات) في كل (صفح من صفوحه)
ثم يحدث أن نغيب عنه لساعات فقط، ونلتقيه مجددًا في نفس اليوم على عشاء عزومة مثلا أو عند البقالة ... ثم نكرر ما فعلناه معه قبل ساعات.
.
وبدت الحكاية كما لو أنها صارت مشهدًا طريفًا، يحمل ملمحًا غير منطقي.
.
لكن ماذا تصنع - أنت وأنا - وقد تحولت المسألة إلى ما يشبه العرف الاجتماعي؟.
ثم أنك تخشى من غضب رفيقك .. فقد يساوره شك من عدم تقديرك له، إن لم تصنع بين يديه تلك (الحفلة) من العناق والقبلات .. بل ربما وصمك - في وجهك أو في ظهرك وأنت غائب - بأن فلانًا صار متكبرًا.
.
الآن ... وفي زمن صاحبة الصيت السيء - كورونا - توقفت مراسم تلك (الحفلة) إجباريًا .. وحلّ مكانها بروتوكول (النظر تحية - يالربع)
فـ أراح الناس - واستراحوا ....
.
لكن لا أحد يدري بعد انقشاع غيوم كورونا .. هل سوف نعود مرة أخرى لذلك الطقس الاحتفالي العجيب؟
أم أن "كورونا" ستغرس فينا - مستقبلًا - سلوكًا جديدًا بأن تظل (النظر .. تحية) بروتوكولًا قائمًا على طول الخط ... مع المصافحة.
مالم تكن أنت قد غبت في سفر طويل، وعدت وكل الناس تشتاق لـ "عناقك وتقبيلك" .... لكن لمرة واحدة.
.
في كل الأحوال - يظل الهش والبش في وجوه الناس خصلة حميدة، وهي من المشتركات الإنسانية، التي يتفق عليها كل البشر.
وفي ديننا "تبسمك في وجه أخيك لك صدقة" .. والاحتفاء بالآخر نبل وشهامة .... لكن كل ذلك بقدر.
أظن الرسالة وصلت .