شجر اللوز الحجازي، والمعروف أيضا باسم اللوز البجلي، هو - في الواقع - من الأشجار التاريخية في منطقة الباحة.
وأيضا في بلاد بني مالك وغيرها.
.
وأقول "تاريخية" لأنها مما زرعها الأجداد الأقدمون، ثم توارث زراعتها الأبناء والأحفاد كابرًا عن كابر.
وهي بتلك المثابة، تعد إرثًا صريحًا، ومما يمكن لنا أن نصنفها ضمن "الموروث المحلي".
والموروث قيمة عالية، ومما تفخر به الشعوب دائمًا، وتعده رمزًا من رموز ثقافتها، لا يمكن ان تتنازل عنه، كونه صار من صميم تقاسيم حياتها.
.
أليست شجرة الساكورا في اليابان – مثلا – تُعد أحد مفردات ثقافة ذلك البلد الأسيوي النابه، والواقع عند منابع الشمس، عندما حافظ على زراعتها، ومنحها الحب قبل الطين والماء .. وصار يحتفل بها ولها في أواخر الربيع من كل عام، ونظم فيها الشعر والقصص والمسرحيات وأكثر من 100 أغنية.
.
وشجرة اللوز الحجازي - في الحقيقة - من المزروعات ذات المردود الاقتصادي الجيد، فيما لو كان عدد الأشجار كثيرًا والعناية به فائقة.
ولعلي لا أبالغ إذا قلت إن اللوز يُعد أحد مفردات الأمن الغذائي الوطني، بعد القمح والخضروات والتمر والعسل، ومن هنا تزداد الأهمية له وبه.
.
الناس الآن في منطقة الباحة وربما في غيرها منصرفون عن زراعة تلك الشجرة، ولذلك لا جيل جديد منها إلا نادرًا، وما هو موجود حاليًا هو الجيل القديم، الذي تحول معظمه إلى حطام.
.
لكن اللافت أن هناك قطع زراعية كثيرة، إن في بطون الأودية (المسقوي) أو في سفوح الجبال وهي المدرجات الزراعية (الجنبى – العثري).
وثمة مياه متوفرة إلى حد ما ...
.
ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه ...
هل نحن بحاجة فعلًا لإعادة تلك الشجرة العزيزة إلى حياتنا.. أم أننا قد طويناها في دواليب الأرشيف؟
ما الجواب ؟
كأني أرى الإجابة .. نعم .. نحن نحتاجها.
إذن ... ما الحل حتى نبعث شجرة اللوز الحجازي من مرقدها، ومن نومتها الطويلة ؟
.
هناك من يرى أن يتم التفكير في المسالة بعقلية استثمارية مختلفة، وليس بعقلية المزارع الهاوي، بحيث يقوم عدد من المستثمرين بالتعاقد مع أصحاب الأراضي الزراعية، لتحويلها الى حقول واسعة، أو إن شئت فقل إلى غابات من أشجار اللوز.
وفق اتفاق يرضي الجانبين ....
خصوصا والكثير من الأراضي قد سافر أهلها للمدن، وبقيت منذ سنوات قاعًا صفصفا.
.
هل يتجاسر إخواننا الأهالي في منطقة الباحة وغيرها على أنفسهم، وينفذون هذا المقترح أو قريبا منه؟ .. لنشهد عما قريب عودة قوية وفاعلة لشجرة حميمية أحببناها طويلًا .. وارتبطت كثيرًا بعقلنا الجمعي، وصار حضورها مطلبًا وجدانيًا واقتصاديًا.
.
من يعلق الجرس – ابتداءً ؟