ينتابني أحيانًا شعور التملل والتذمر ، ويتزايد هذا الشعور في الوقت الذي استعمرت فيه التكنولوجيا ومشتقاتها جل حياتنا اليومية ، بل أضحت أولوية قصوى بها نصبح وعليها نستهل أماسينا وعلامة دالة على وجودنا في محيط البقاء الجسدي والعقلي ، من هذا المنطلق الذي يمثل واقعًا لامناص منه حسب فرضية المتغيرات المعيشية للانسان وكونها سنة كونية فرضها مدبر الأمور تعالى استقر حال التعايش بظهور المثقف الجاهل ، ولايستغرب بأن هذه الفئة من سمات عصرنا الحالى ومن إفرازات الزمن المستجد بكل مافيه ومع توفر المعلومات وتعدد مصادر المعرفة إلا أن المعضلة الحقيقية في سلوكيات المثقف الجاهل وقد تعرت تلك العقول في مواقع التواصل الإجتماعي وعلى جادة تلك الفرص الممنوحة يتصدرون المشهد بمثاليات أبسط مايقال عنها بأنها من صنوف الجهل وعدم الفهم، فليس من قرأ كتابا أو حاز على شهادة عليا مثقفا. والغريب فى الأمر أن بعض الناس يرون فى أنفسهم القدرة بل يؤكدون تمسكهم بمبدأ المجادلة والتصلب على آرائهم من باب ظنهم أن ذلك حوارًا وطرحًا متاحا للنقاش ، بينما الموضوع مختلف وبعيد عن مفهومه الذي يسعى إلى صياغته بالمنطقية النابعة من جهله الفاحش . إما بالتمذهب الديني أو الحرية المدنية المغلوطة أو بديمقراطية الرأي والإنفتاح ، أو حتى بالميول الرياضي التعصبي ، ومن تلك الأنواع التي ترى لها قيادة الرأي (الببغائيين ) الذين يمتلكون معلومات متنوعة ويرددونها ويستدلون بها وهم في الحقيقية على طراز حافظ ومش فاهم عادة ما ينخدع بهم الكثيرون بسبب مظهرهم العلمى والمعرفى الذى يدعونه ، ومن خلال تعليقاتهم على الأحداث أو انتقائهم للعبارات الرنانة أومشاركتهم فى بعض الأنشطة وترديدهم لكلمات ومصطلحات علمية عربية وأجنبية ليبينوا مداهم البعيد في العلم والثقافة.
المثقف الجاهل نموذجًا أعتلى صهوة الإزعاج وأحتلت تلك الطغمة مكانة ليسوا أهلًا لها أقلها في مضامين مجموعات الواتس آب وغيرها من التطبيقات بمزيج متنوع كنهه النسخ واللصق ونقل الصالح والطالح من المعلومات المتدفقة التي لا أصل لها ، والتنبؤات التي يسطرها المتشائمون الجاهلون المبنية أحيانا على الافتيات والتألي والافتراء .
المثقفون الجهلة يلهثون إلى المكانة الإجتماعية بموضع قدم ، بغض النظر عن القيمة العلمية الحقيقة ذات المكاسب الفكرية والإبداعية التي يستنير بها من هو مثلي من العوام .
رفقًا أحبتي بنا وبمجتمعنا، يقول تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا).