في حياتنا اليومية، حالة "سيكولوجية"، تحدث لهذا وذاك من الناس ... وقد نكون – أنت وأنا – منهم.
تلكم هي ... ما قد يحدث بين (س) و (ص) من اختلاف في الشارع، السوق، المقهى، أو حتى في مجلس من المجالس.
.
ثم في مشهد "دراماتيكي" وعلى طريقة "الإكشن" يتحول ذلك الخلاف إلى ضجيج، وأصوات عالية، وربما شجار يحمل ملاسنات متبادلة، وربما كلمات غير لائقة، وقد تصل إلى "الإمساك بالحلوق".
..
لكن كل تلك المعركة العجيبة الظريفة، ما أن يخفت أوارها، وتحط أوزارها بعد دقائق قليلة، حتى يتضح جليًا أنها لم تكن أصلًا تستحق اسم معركة، بسبب تفاهة "الفتيل" الذي أشعلها ... وأنها - في حقيقة الأمر - لم تكن سوى (زوبعة في فنجان) كما يقال.
.
المثير للدهشة، أو الجانب (الغريب/اللطيف) في المسألة أنه بعد تلك (الزوبعة) تعود المياه إلى مجاريها غالبًا، ليس إلى هذا الحد وحسب .... بل وفي حالات عديدة يعود (س) و (ص) صديقين حميمين، ويصبح ما بينهما أكثر من (سمن على عسل)
..
فما هي الحكاية - بالضبط؟
وما سببها .. وكيف اشتعلت نارها؟
..
وبداية أود أن أسأل – سؤالًا على الهامش - كما يقال:
هل مرت هذه الحكاية على أحدكم؟
أو هل رأيتها أمام عينيك، أو أنك قد عشت فصولها؟
أتوقع أن جواب عددٍ ممن يقرأ هذه السطور هو: (إيه والله . حصلت معي .. أو أمامي) !!
..
والواقع .... أن المسألة برمتها نفسية بحته .. لا علاقة لها بأنك أخذت حقي، أو أنا اعتديت على حقوقك.
ولها صلة بضبط النفس، والهدوء .. و(المهارة) في إدارة المواقف الطارئة .. ومدي حرارة دم هذا، وبرودة دم ذاك.
..
ذات مرة ونحن في جلسة مع مجموعة من الأصدقاء، وإذ بأحد الجالسين يحدثنا بما يشبه الأسطورة، وهو يشير بأصبعه للذي بجانبه.
يقول: إن صداقتي الكبيرة والمتينة مع هذا الذي بجانبي، نشأت بعد "مضاربة" بيني وبينه ذات يوم، فقد حدث بيننا تلاسن في محل تجاري هو يملكه.
وبعد نهاية ضجيج معركتنا تلك، خرجت من المحل وأنا (أرغي وأزبد) .. لكن ما إن هدأت فرائصي، حتى علمت أنني قد أخطأت .. وأن من أبسط معاني النبل والشيم أن أعتذر من صاحبي.
فكان أن عدت له في اليوم التالي لنتصالح ونتعانق، و (نحبّ الخشوم) .. ثم من حينها نشأت بيننا هذه الصداقة المتينة التي ترونها.
..
وضحك الرجل، وضحك صاحبه .. وضحكنا جميعًا.
ثم عنّ لي أن أعلق مرددًا المثل الشعبي الدارج: (ما من محبة إلا بعد عداوة).
لتتواصل بعدها مسامرة جزء من جلسة مساءنا ذاك، تعليقا على تلك الحالة النفسية، التي قررنا من خلالها، أن هناك أشخاصًا تجمعهم علاقات صداقة قوية، بعد أن كانوا فيما يشبه الأعداء.
بما يؤكد أن (الانطباع الأول) في أول مقابلة بين الناس - فيما لو كان سلبيًا - لا يدوم كثيرًا .. والأمثلة على هذه الحالة كثيرة، وما حدث غير مرة عند عامة الناس وعند المشاهير تحديدًا - يؤكد ذلك.
..
وبناء على ما تقدم في هذه السطور .. أظن أن من تمام العقل تجنب أية حالة من حالات الـ "عراك" أو "انفلات الأعصاب" يمكن لها أن تثمر مشاكل لا أحد يعرف نهايتها؟.
وبالتالي فإن مهارة أحدنا في إدارة أي موقف طارئ، و(فرملة – اندفاعه) تظل مما يحسب له، على سبيل تحكيم العقل، وليس فيها جبنٌ ولا خور - كما يتصور البعض.
..
ودعونا بدل (تعالوا نتضارب)؟ .... نقول (تعالوا – نتفاهم؟) !!