رأيت في مجلس من المجالس أخوين، الصغير بعد أن حضر متأخرا - أمسك برأس الكبير يقبله .... الصغير طبيب، والكبير تعليمه "على قده" ... لكنها الأخلاق، والبر، وسمو النفس، وحسن التربية.
الذي بجانبي همس في أذني:
على الآباء أن (يشربوا) أبناءهم منذ الصغر، أن يوقر صغيرهم الكبير ... بحيث يتوجب عليه أن يقبل كفه أو رأسه - ذكرًا كان أو أنثى –
ومن تبعات ذلك ... أن تظل المودة والتضحية تنساب رقراقة هادئة، في جداول حياة كل أسرة، ثم المجتمع ككل.
.....
عدد من الناس، ترى الواحد منهم وديعًا ودودًا، وكلما اتصل به صديق أجابه في حينه أو لاحقًا – بكل ترحاب وسعة صدر.
الواحد من أولئك ... حتى عندما يترقى في سلالم الوظيفة، تجده – أبدًا – لا يتنازل عن تلك الخصال الجميلة، ولا "تتلبسه" حالة (الأنا) المتضخمة.
هو لا يسمح لـ غواية " الكرسي " المخاتلًة، أن تحول بينه وبين أحبابه وأصدقائه، لأنه قد وعى : (لو دامت لغيرك، ما اتصلت إليك) .. ولذلك فإنه عندما يخرج للتقاعد، لا يشعر بـ (غربة) أصدقاء.
هنيئًا لأولئك الفضلاء، الذين إن حضروا أمتعوا المجلس، وإن غابوا افتقدهم الناس.
......
قلت: يا صاحبي ... ما زلت مفتونا بك، ومغرم بشخصك الفذ ...
سألني: لم؟
قلت: إنك حكيم متزن، (تعدّ حتى العشرة) قبل أن تتحدث، وتتروى كثيرًا قبل أن تقرر ... تكظم غيظك، فلا تؤذي ... وتكتم فرحك إن كان يخدش عواطف أصدقائك.
وكمثال على جمالك الفاره، فأنت لا تتعاطى (الاسقاط).
تلك الخصلة الذميمة، التي تعد منقصة لكل رجل، ومثلبة لكل شخص.
........
كبار السن لديهم من الحكم ما ليس لغيرهم .. للوهلة الأولى يظن (س) أو (ص) من الشبان أنه "صاحب المفهومية" .. وأن أولئك (دقة قديمة) .. وما درى "الغلبان" أن أولئك قد عركتهم التجربة .. حتى أنهم قد نسجوا "أمثالًا" ما زالت تُحكى ...
فيها ومن خلالها تتضح أجمل أساليب فلسفة الحياة، وما فيها من فسيفساء صغيرة.
أراد أحد الشبان أن يترك وظيفته، طمعا في (وعود سرابية) بوظيفة أفضل ...
قالت له جدته: (الزم قردك، لا يجيك أقرد منه؟)
...........
شكا لي من صديقه الذي كان يراهن عليه ....
وروى كيف أنه قلب له ظهر المجن، لمجرد موقف ما - من مواقف الحياة.
قلت له: لا بأس ... إنه لاه الآن، بما بين يديه ....
لكن ... ستثبت الأيام .... من منكما خسر الآخر.