تويتر عالم شعبي بحت، السواد الأعظم فيه يبحث عن منفعة شخصية، إما ترويح لمنتج أو للذات، أو تفريغ للانفعالات، أو مراقبة توجهات البشر والناس لأغراض متعددة سواء إعلامية أو أمنية أو فضولية، (وابن الحلال) في تويتر يبحث عن خبر جديد كي ينقله لمجموعاته في الواتساب، أما مطاردة السراب في تويتر فهو ذلك الذي يبحث عن شهرة وكم هائل من المتابعين ليحقق بها ذاته، (ويترزز) بها بين ربعه ومجتمعه.
وللفئة الأخيرة أقول، كي تحصل تغريدتك عن تداول بأرقام مئوية يفترض أن يكون لديك اسم أو مكانة سابقة في أي مجال سواء كان اجتماعي، أو سياسي، أو اقتصادي، أو رياضي أو ثقافي أو في المجال الوعظي والدعوي، أو حققت شهرة إعلامية. الخ
فـ تركي الحمد مثلا أو عائض القرني أو ماجد عبدالله لديهم أسماء رنّانة خارجة تويتر، ولديهم جماهير تتابعهم، وتويتر حقّق الفرصة لتلك الجماهير كي يكونوا متابعين، وقس على تلك الأسماء.. إذًا تويتر - في غالبيته - نتيجة أو ثمرة لجهد سابق، وليس لبناء اسم من جديد.. وفي هذا استثمر الكثير الأسماء التاريخية البارزة أو التي غادرت الدنيا مؤخرا، وأصبح يكتب باسمها
فلو أردت أن تنطلق للجماهيرية من تويتر وتبني شهرة من الصفر فتحتاج أحد ثلاث حالات:
الأولى: أن تضيف قيمة (وهذه القيمة إما أن تحل مشكلة أو تلبي حاجة)، وأيضا عليك أن تسلك مسارا واحدا، وأن تستمر تغرد بشكل يومي، على الأقل تغريدة في اليوم، وأن تتصف تغريدتك بالقوة والوضوح وتخلو تماما من الارتباك في الأسلوب وتكون صحيحة إملائيا ولغويا وذات دلالة واضحة، وتكون سهلة يفهمها السواد الأعظم،
مثلا عبدالعزيز الحمادي يكتب كل يوم تغريدة عن معلومة أو أسلوب أو حل تقني، السواد الأعظم لديه الرغبة أن يتعلم تلك الأساليب باعتبارها وسائل عصرية في أمس الحاجة لمعرفتها..
أيضًا الحمادي مستمر ويضع اسمه الحقيقي وصورته، إذا يجب أن تكون واضحا كي تحقق النجاح في تويتر.. وهنا قد يتساءل آخر، ماذا لو عملت مثل الحمادي بالضبط؟ أجيب: بأن نسبة نجاحك لن تكون بتلك القوة لأن الذي عرف الحمادي أعتاد على طريقته و أكتفى بها.. فأنت لم تأتِ بجديد.. إذًا غاية في الأهمية أن يكون لديك جديد أو موضوع يميزك عن الآخرين..
الثانية: كي تحصل على متابعين هناك من يحاول – عبثا - أن يصادم المجتمع، يستفزه في قيمة ومبادئه، وينتقص من رموزه، وهذا ما لا يؤيده أي عاقل، لكنه بهذه الطريقة سيستفز طبقة واسعة من المجتمع ليتفاعلوا معه ويحقّق التفاعل المطلوب.. ولكن مثل هذا وبهذه الطريقة كسيارة تسير في الخط السريع وتسلك الطريق بشكل معاكس، وغالبية السيارات ستزدريها وتنهرها وتبلغ الجهات الأمنية عنها، وستحاول إيقافها قدر المستطاع، ولا شك سيكون لتلك السيارة المخالفة مؤيدين يهتفون لسائقها (واصل يابطل) لأغراض متعددة لسنا بصددها الآن.
الثالثة: ولكي تحصل على كم كبير من المتابعين أو المتفاعلين لابد من أن يتم دعمك من جهات معينة، سواء بطريقة مشروعة أو غير مشروعة، وقد تدفع نقودا مقابل هذا، أو بطريقة التكتلات مثلما فعل النسويات في فترة سابقة، أو كما يفعل أصحاب الانتماءات الرياضية.
وقد تتم التكتلات بشكل مؤقت كما يحدث في بعض الفعاليات الجماهيرية الكبيرة، ومن خلال تلك التكتلات قد يقفز أحد الحسابات، ولكن عادة تكون جماهيريته مؤقتة ولا تستمر كثيرا.
وينطبق على المؤسسات ما على الأفراد، فالمؤسسة الحديثة التي تدشن حسابها في تويتر لو كان لها رؤية ورسالة وأهدافا واستمرارية ووضوح وتوقيت مناسب وتقدم الجديد وتعالج حاجة للمجتمع أو تحل مشكلة، فاحتمالية نجاحها واردة.
ويظل عالم تويتر عالم غريب ومتشعب، وتكثر فيه الحالات الشاذة التي لا تشملها الدراسات، فمثلا قد يكون هناك نجما معروفا عدد التفاعلات معه قليلة، وقد ينجح شخص كل ما يفعله ينقل المنشورات والمقاطع من الوتساب إلى تويتر.
الأهم ألّا تعتمد عليه كثيرا، فاحتمالية أن يخذلك وفجأة ينصرف الجماهير من حولك، واردة بنسبة كبيرة.
.....
*مدرب معتمد في الإعلام الاجتماعي
hussainoooh@