عادة ما يكون موقفي عندما يحتدم الحوار، بيني وبين شخص ما، أو مجموعة من الأشخاص (نقطة ونبدأ من أول السطر).
هذه الجملة؛ تسببت - عمداً - بقطع الكثير من حالات الجدال التي لا نستطيع أن نتفق فيها احياناً، حيث يقف كل شخص منا متيقنا بأنه يملك الحق، وأن رأيه هو الصواب الذي أصاب كبد الحقيقة.
ولا يُحتمل - حتى مجرد احتمال - أنه يمكن أن يكون على خطاء.
.
والواقع أنني كنت أتملص من خسارة شريكي في النقاش، خاصة الشريك الذي يمتلك حنجرة من ذات (البقاء للأقوى) لتثبت أنها صاحبة النفس الطويل، الذي أصبح فجأة يعرف ما لا تعرفه عن الحياة.
وعبثاً أحاول أن أثبت أن كل تحاوراتنا ونقاشاتنا في أي موضوع، ماهي إلا أمور قابلة للصح والخطاء "الوجهان " الأقدم لعملة الحياة.
فكل منًا ينظر من زاوية معينة، تحت إضاءة رغباته وقناعاته. مهما حاول جاهداً اثبات أن عقليته فذة، مثالية، وموضوعية بحته.
.
الآن أعلن - وبكامل قواي العقلية - أنها نقطة ونبدأ معاً من جديد .. من حيث أول السطر. لا من حيث انتهينا .. فبعض العلاقات تشبه البراغيث. تتشبث بك وتعيق نموك وتطورك.
وعبثاً تحاول الوصول إلى أول السطر الجديد معها.
.
فأنا لا أجد أمامي سطرا فارغا، كلها أسطر مملؤة بأحد آمرين .. التجديد والتطوير وحرية الرأي، التغريد خارج أسوار الواقع الى المأمول الذي لا وصول سهلا له.
.
وعلى النقيض، ذاك الصداء الذي أغلق الأدمغة. حولها إلى صندوق من تراث ومورثات وعادات وتقاليد لا تحتمل الجديد، ولا ترتقب التغيير وتعتبره عدوا لها.
.
ولو أن عاقلاً فطنا وعى تماماً ما الذي يمكنه أن يفعله بعقلية متزنة، أحد كفيها الموروث والكفة الأخرى التجديد، لو أننا ننسق بين ما تحتمله قدرتنا على الصمود في مواجهة رياح التمدن الغائرة. لو أننا نحرص على حشد طاقاتنا لنواجه القادم معاً بتكاتف وتآلف.
.
ماذا لو أننا وضعنا في كل شارع من شوارع الفكر طاولة مستديرة لا يملك فيها أحدهم صوتاً ولا سوط.
لو أننا نسمي ونطلق المسميات الصحيحة للأشياء بلا تزيين يخطف العقول، فلا تدري ما الذي تقول، أو بتشدد مذموم يستخرج فينا أسواء ما يمكننا فعله أو قوله.
.
وأخيراً ... قبل أن أضع نقطة لأبدأ بعدها من أول السطر.
يجب أن أعلن أننا نخطئ كما نصيب، وأن أي بداية محتملة لغد جديد تبدأ على ركائز الماضي، فالتطور الهائل الآن في علم الفيزياء كان بدايته حالات المادة الأربعة لأرسطو، وعندما فككنا الغازها تفاجئنا بما يمكن للفيزياء أن تصنع بحياتنا.
.
لا يجب أن ننسى البدايات، ولا يجب أبداً – بالضرورة - ترك الحداثة وعدم طرقها خوفاَ من فقدان هويتنا، آراؤنا، أحلامنا.
بل يجب أن نأخذ بيد كل ما تعارفنا عليه، لنبدأ من أول السطر بداية جديدة تسمح لأغصان أفكارنا أن تلامس سماء الواقع، وجذورها ثابته بالأرض.
..
كاتبة وقاصة
1 comment
فريح المحيني
01/12/2021 at 4:12 م[3] Link to this comment
التصالح مع النفس هو الاصلح قبل التصالح مع الاخرين
لكي نعرف اين نضع انفسنا قبل الحديث والخوض في معترك المجالس
سلمت اناملك على هذا الطرح الجميل
ودمت بخير اخت هيا تحياتي وموتي مع تمنياتي لك بالتوفيق