ـ المنصة .. المنصة .. المنصة
أكثر الكلمات التي ترددت على ألسن النساء خلال الشهور السابقة ؛ أحيانا تخرج من الأفواه ممزوجة بآهات التعب والسخط , وأحيانا يصاحبها فحيح حسد وغيرة , ومرات تنفجر في دوي غاضب ممزوج بالسباب والشتائم , ونادرا ما تنساب الكلمة مجللة بالدعاء والثناء والعرفان .
.
ولكن لماذا النساء بالذات ؟ ولماذا لا يتناولها الرجال إلا في عجالة في رسالة أو تعليق أجوف في أحاديث المجالس ؟
.
لأن المنصة توغلت في حياة النساء ولامست بشكل مستفز أدوارهن كزوجات وأمهات وسيدات مجتمع . لقد قلبت المنصة حياة النساء المعلمات وأصبحت العمود الفقري لعملهن فرأتها واحدة وحشا يهدد أمنها ويفضح ضعفها , بينما رأتها أخرى سلما ماسيا تسلقته بثقة إلى التميز والإبداع
.
أما الأمهات في المنازل ؛ فقد أعادت المنصة هيكلة حياتهن اليومية وتدخلت في جدولة تفاصيلهن الصغيرة , بل وذكرت بعضهن بدورهن الحقيقي في تربية أبنائهن والعناية بهم بدلا من إخراجهم من باب المنزل والعودة إلى نوم الضحى .
.
المنصة نظام الكتروني تسرب إلى حياتنا وأيقظ فينا حس التفكير والتأمل ومراجعة الحسابات فيما يخص أنظمتنا الاجتماعية والأسرية وحتى الإنسانية , ناهيك عن دورها التعليمي الأساسي .
.
ولا أبالغ إذا قلت إن المنصة كانت سببا في حدوث المشاكل الزوجية التي وصل بعضها إلى حافة الطلاق بسبب غيرة الزوجات المشتعلة كلما جالس الزوج ابنته وشاركها المنصة .
.
أما الخادمات فهن أيضا يتذمرن من المنصة التي أبقت الطلاب في المنازل فزاد الطهي والغسيل والتنظيف . حتى تلك الدقائق التي يقتنصنها عند احضار الأطفال من المدرسة لإجراء ثرثرة سريعة مع واحدة من بنات جلدتهن , أو تداعب اسماعهن عبارة من سائق أو حارس .. قد فقدنها
.
الجميل الذي لا ننكره ويبدو واضحا جليا هو الثقافة التي عمت مجالس النساء؛ ثقافة في اللغة العربية والدين والجغرافيا والتاريخ والتي غيرت مسار الحوار والمناقشات بينهن , وفتحت نافذة على عالم التعليم ودور النساء العظيم فيه , فتحولت كثير من مشاعر الغيرة والحسد من المعلمات إلى تعاطف وإعجاب وتشجيع.
.
- شكرا يا منصة .
2 comments
غير معروف
01/24/2021 at 8:59 ص[3] Link to this comment
مقال هادف وسبر أغوار المنصة بلغة باذخة يفهمها الواقفون بجوار المنصة
مرضية الحاتمي
01/26/2021 at 9:34 م[3] Link to this comment
مقال رائع جدًا