في البدء كانت الحروف، تسير إلى شفاهنا، نتلعثم ونحن نحاول فك شفرة الكلام، ثم كان الحديث وبداية نطق الكلمات. حاولنا أن نلعب لنربط الكلمات، وكنا نفرح بأننا نستطيع التكهن بالكلمة تلو الكلمة وتترابط الكلمات.... قمر، شمس، شجرة، غابة، صدر، رصاصة، صفعة، وجه.......
وحينما تزاحمت الوجوه وتمايلت الطرقات بنا في زخم الحياة، أصبحت اللعبة أكثر صعوبة ونفدت المتعة، أصيبت عقولنا بالتخمة، فحولنا الكلمات إلى رصاص، لنكمل الهوامش الفارغة في متن الحياة.
كل كلمة أصبحت رصاصة محشوة في مسدس الروليت، وصرنا نجرب حظوظنا في الانتظار والانتحار بأيدينا تارة، وتارة على شفاه حساد ناقمين ومنافقين متنمرين ومغتابين ملونين.
.
وحده حظك القاتم سيقتلك، أو وحده حظك السعيد ينجيك.
من يجرؤ على الوقوف أمام الروليت؟ .. مدمنو المغامرة أولئك الذين ينبت لهم جناح مع كل مغامرة، تأخذهم لقمة الزهو بالنصر في لعبة حظ، وقد لا يعودون، قد تصيبهم رصاصة كلمة طائشة سددها غريم، أو دسها غاش في عدد الرصاصات الست.
ويصبح روليت الكلمات اللعبة الأكثر دهاء، حين يكون الرمي بالكلمة والقذف بالرصاصة والتصويب بفوهة الشفاه.
ونحن في عالم الكلمات، التي يطلقها بشر علينا - من حولنا - بقصد او بدون قصد، يضعوننا في مرمى الرصاصة، على بعد مسافة الحظوة والمعرفة والمحاباة.
قد تصيبنا رصاصة طائشة من كلمات تُطلق علينا، ونحن فاتحين صدورنا لها.. ننتظر حظًا يدهسنا لننهي الحكاية ... التي أبدا لا تنتهي.
.
وفي الواقع، لا خيار تملكه ....
أما أن تواجه فوهة المسدس، تنتظر رصاصة بصدرك، أو أن تستدير، وتنتظر أن يسحب الزناد، فالرصاص قادم لا محالة، شئت أم لم تشأ.
..
كاتبة وأديبة
1 comment
غير معروف
01/31/2021 at 6:59 م[3] Link to this comment
وصفٌ للواقع، بأسلوبٍ لا تصوغه إلا أقلام الكبار.