طالت لوثة الشهرة الصغير والكبير، والذكر والأنثى؛ فاستمرأ الناس التفاهة، وتبوؤا ما لا يليق من منازل السفاهة، حتى أن أحدهم تجاهل ما على وجهه من بقايا الشَعَر الذي يميِّزه عن المرأة، فظهر متقمصًا شخصيتها بكل وقاحةٍ وجرأة؛ ارتدى قميصها المبرقش، ولفَّ على رأسه شالها المزركش، وأظهر تحت القميص ما يشبه الأثداء، وبطنًا منتفخًا من أثر الحَبَلِ لا بفعل الأحشاء، وراح يقلِّد صوتها الناعم، كل ذلك؛ ليحظى بالمتابع والداعم، متوهمًا أن التضحية بالرجولة تلفت الأنظار، وتستجلب إعجاب النُظَّار، متغافلًا عن أن النبي ﷺ "لَعنَ المُتَشبِّهين مِن الرِّجالِ بِالنساءِ، والمُتَشبِّهَات مِن النِّسَاءِ بِالرِّجالِ".
إن كانت الشهرة مطلبًا فلا بأس؛ فقد طاردها كثيرٌ من الرجال دون يأس، لكنَّ بعضهم جاءته الشهرة طائعة؛ لأن قاموسه خلا من الأوقات الضائعة. فكم دوَّن لنا التاريخ في صفحاته أسماءً لرجالٍ بلغوا شأوًا عظيمًا دون أن يتخلَّوا عن رجولتهم، ما بين مخترعٍ بارع، ومفكِّرٍ لامع، وملكٍ شيَّد الممالك، ورحَّالةٍ جاب كل المسالك.... كل أولئك عرفوا قيمة الرجولة، وغاية اصطفائهم بالرجولة؛ فلم تنتزع منهم الشهرة رجولتهم، بل أخذتهم الرجولة إلى أحضان الشهرة، فاذهب أيها المتأنثُ لقراءة سيرهم، والبحث والتنقيب في أثرهم، واعلم أن فيك ما يميزك، كما كان فيهم ما يميزهم، واعمل على مكامن الرجولة فيك لتشتهر، دون النظر إلى من سلَّم رجولته حبل المشنقة لتنتحر؛ فالرجولة مَكَّنَتْ صاحبها ليكون الامبراطور، وخلَّفت لمن تخلى عنها لقب الطرطور. ومن يسوي بأنف الناقة الذنبا؟!
عاجل
بقلم/ يوسف الشيخي

المتأنثون
Permanent link to this article: http://www.eshraqlife.net/articles/357609.html