تصنف منطقة الباحة، على أنها من أجمل مناطق المملكة، وأكثرها جذباً للسياح، لما وهبها الله من طبيعة ساحرة، ومناظر خلابة، وجبال شاهقة، وموقع استراتيجي متميز .. بالإضافة إلى مناخها وتضاريسها البديعة، وبيئتها البكر
.
ومن أبرز مظاهر السطح فيها سلسلة جبال الحجاز المعروفة بالسراة من الناحية الشرقية، وغور تهامة السهول الساحلية من الناحية الغرب، فهي تتمتع بمعطيات وتملك الكثير من المقومات السياحية.
الا أنه ينقصها وجود منفذ بحري كغيرها من باقي المحافظات المجاورة كمكة المكرمة وعسير، علما بأنه كان يوجد لها في الماضي، منفذ وإطلالة مباشرة على البحر الحمر، عبارة عن مرفأ في مصب وادي دوقة، أحد أودية زهران.
.
ومازال يذكره من عاصره من كبار السن، ذلك المرفأ الذي كان نشطاً بحركة السفن الشراعية، يستخدمه أهالي المنطقة في السفر إلى ميناء الحبشة ومصوع وغيرهما، كانت ترسو فيه السفن الشراعية، المحملة بالبضائع من داخل المملكة والسودان واليمن.
وقد أشار الى ذلك المرفأ الشريف البركاتي عام 1329هـ في كتابه الرحلة اليمانية .. قال : إنه كان في دوقة مرفأ وحامية تركية ... وذكر "أن زكاة الحبوب كانت تحمل من مرفأ دوقة إلى مرافئ الحرمين".
وممن كان على هذا المرفأ الشيخ صالح بن عبدالله الشيخي الزهراني، كان تحت إدارته يحصل مبالغ مالية من الدولة مقابل إدارته لمرافئ دوقة، بموجب أحمال الجمال.
.
وكان لآل الرقوش يد على "دوقة" وذلك المرفأ .. وما يثبت ذلك ما ذكر السلوك في كتاب غامد وزهران - نقلاً عن عبد المجيد بن رقوش - رحمهما الله أن" ابن عايض - حاكم عسير- سابقاً كلف غامد وزهران بشراء سفينتين وقد قاما بشراء السفينتين بمبلغ 400 ريال وربعه وثمنه.
وقد أبحرت بميناء دوقة وكان الغرض منهما نقل الجيوش باسم الحاكم بن عايض". وتظهر أهميته بكونه مرفأ ومنفذ على البحر الأحمر لقبيلة زهران.
.
فلماذا لا تكون الاستفادة منه في وقتنا الحالي حيث مازالت الاحداثيات والمكان موجود يطل على رأس محيسن .. فقط يحتاج إعادة تهيئة و بناء مرة أخرى - إن لم يكن أنتقل إلى نطاق إداري آخر-
إضافة إلى أن ثلاثة من أودية المنطقة تصب في البحر الأحمر، ولها اطلالة مباشرة على البحر وهي وادي ناوان، وعليب، والأحسبة.
كما أنه لا يفصل إطلالة المنطقة عن البحر الأحمر في بعض الأماكن سوى شريط ساحلي لا يتجاوز 15 كيلو مترًا.
.
كل ما نتمناه من المسؤولين في منطقة الباحة، الاخذ بهذه المعطيات التي سهلت مهمة الانتقال بين السراة بتهامة وصولاً للبحر الأحمر، وكان اخرها عقبة الحسام ...
هذ ما سمحت به مساحة المقال، لا أزيد
1 comment
يوسف الشيخي
05/01/2021 at 10:00 م[3] Link to this comment
جدٌّفت ثقافتك التاريخية أستاذ عبدالحي، وأبحر فكرك، فرسى قلمك على شواطئ دوقة، المنتجع السياحي البحري الذي بدأت يد التطوير والتحسين تطاله، والمرفأ التاريخي الضارب في القدم.
مقالٌ رائعٌ كروعة فكرك وثقافتك، وليت لمن يهمهم الأمر حرصًا كحرصك، وصوتًا كصوتك؛ إذًا لعادت الحياة لذلك المرفأ منذ أزمان.