في 26 سبتمبر 2017 منحت المرأة السعودية حق قيادة السيارة بأمر من الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - وشمل القرار توجيه إدارة المرور بالبدء في إصدار رخص القيادة للنساء في 10 شوال 1439 هـ الموافق 24 يونيو 2018.
.
حلم أصبح حقيقة على أرض الواقع ، بعد سنين طويلة من لغة الحوار المتشنجة حول هذا الموضوع والممانعة الاجتماعية والعادات والتقاليد، أصبح للمرأة السعودية الحق في قيادة السيارة، ضمن باقة تمكين للمرأة في مجالات عدة وانصافها حتى تستطيع أن تكون فعلا دعامة للمجتمع وصمام أمان.
.
وبعد مضي ثلاثة أعوام على هذا الأمر هل حققت المرأة السعودية أية مكاسب؟ وماهو الأثر الايجابي والمعوقات؟
فعلا يمكن أن نقول ونؤكد أن هذا القرار ممكن وذا أثر ايجابي متعد، فالسماح بقيادة السيارة تجاوز فعل القيادة بحد ذاته إلى ما الذي لم تكن المرأة تفعله قبل القرار؟ وأصبح بوسعها فعله بعد نفاذ القرار. وهو شي ظاهرًا للعيان بعد هذه الفترة الوجيزة، وأكاد أجزم أن الأثر امتد إلى كل بيت.
.
وقبل أن أذكر المعوقات والسلبيات التي لا يخلو أي أمر في الحياة منها؛ سوف أذكر قصتي مع أبنتي وقيادة السيارة التي بدأت منذ أربعة أشهر ، عندما قرر السائق الذهاب لزيارة أهله ومن ثم العودة، هنا لاحت لي المشاكل التي سوف نعانيها .. طبعًا أنا وهي عندما يذهب، والظروف النفسية التي سوف نواجهها عند رغبتنا في القيام بمشوار "رغم قلتها في مثل هذه الظروف" إلا أنه سيكون لزامًا علينا تقديم طلب لرب الأسرة حتى يجدول الموعد ويرتب أموره التي ستختل حتمًا، وربما ينسى الموعد في خضم متابعة المباريات أو امتداد اللقاء مع الأصدقاء، وطبعًا نستطيع قراءة نتائج ما سيحدث بوضوح.
.
وبما أعرفه من رغبة لدى ابنتي لقيادة السيارة واقتراب موعد إكمالها السن القانوني للحصول على الرخصة، شجعتها للتقديم على مدرسة القيادة، وتفاءلت جدًا بخطتي المحكمة لإدارة الأزمة عند ذهاب السائق، ولكن! طال الانتظار لقبول المكالمة والرد عليها من قبل المدرسة لأكثر من شهر
كنت اتناوب أنا وهي على الاتصال حتى تم الرد وأخبرتنا صاحبة الصوت بانتظار رسالة قبول للانضمام لبرنامج التدريب، وبقدر فرحتنا بالرد كانت خيبتنا على موعد القبول الذي أخبرتنا به من ردت وكانت صادقة فعلا وحسمت الأمر بالموعد التقريبي للرساله وأخبرتنا أنها ستكون في غضون خمسة أشهر.
طبعًا أمام صدمة الموعد وخوفًا من انطفاء حماس ابنتي طلبت لها مدربة خارجية ورحت أتواصل مع الأماكن المصرح لها بمنح الرخصة على امتداد مناطق المملكة إلا أن الخيبات للأسف توالت فالعرض أقل كثيرًا من الطلب.
.
أجادت ابنتي القيادة ولله الحمد، وبدأنا نسرق مشاويرنا ونحن نتحاشى الوقوع في الخطأ ، وفي هذه المعمة وزحمة الرياض الله يحفظها وكامل الوطن، بدأت انتبه لقيادة السائقين، وهنا صدمة كبيرة جعلتني أتساءل هل خضعوا للتدريب أم مُنحت الرخص لهم بالوجاهه الرجالية.
.
واستطيع أن أجزم من خلال الملاحظات التي رصدتها أن ٩٠٪ ممن يقودون السيارة من الرجال إما أن لديهم جهل بأنظمة الطرق أو أنها تعمهم اللامبالاة وهذه هي الأقرب نظرًا للأخطاء الفادحة الن يرتكبونها عند قيادتهم، بدءًا بالسرعة وعدم الالتزام بالمسارات والتجاوز وكأن الطريق لهم لوحدهم يفعلون ما يريدون في أي وقت ! غير الجوال وما أدراك ما الجوال.......ولا فرق في ذلك بين مواطن أومقيم.
.
الخلاصة .. قيادة المرأة للسيارة مكنت المرأة من أشياء كثيرة نافعة لها وللمجتمع من خلال التحاقهن بالأعمال المختلفة دون حمل هم التوصيل والذي كان يشكل العقبة الكبرى ويعرضهن للابتزاز من قبل السائقين،
أصبحت قادرة للذهاب للمستشفي والسوق والتنزه بأطفالها براحة نفسية أكبر، وفعلا قيادة السيارة أقوى تمكين للمرأة، ونرجوا أن يتم النظر في الوقت الطويل الذي يتم فيه منح الرخصة وزيادة عدد هذه المواقع مع التوصية بتحويل بعص المراكز الخاصة بالرجال للنساء مع إعادة تأهيل ثلاثة أرباع السائقين وتعريفهم على الأنظمة والتعليمات من جديد .
وفي انتظار الفرج.
سأظل أردد عند مرورنا بإحدى نقاط التفتيش للمرور وحتى تطمئن صغيرتي الآية الكريمة
"وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ" من باب الا بذكر الله تطمئن القلوب ...
أيد الله رجال مرورنا .. وحفظ أمننا .. والله خير الحافظين.