في يوم الأب العالمي لم أجد تلك الحفاوة الكبيرة بالآباء، كما يحدث من صخب جميل وانثيال للمشاعر والورود عند الإحتفاء بيوم الأم.
والحقيقة أنني تعاطفت مع الآباء الذي قد لا يعير بعضهم لهذا الأمر أهمية.
لكن البعض أظهر امتنانه لمن احتفى به، وفي لمحة سريعة رصدت أن غالبية من احتفى بهذه المناسبة هن البنات، ولا يعود ذلك إلى أن البنات أكثر مشاعرية من الأبناء، لأننا نرى الأبناء يشمرون عن مشاعرهم أثناء الاحتفاء بيوم الأم!
ومن المسلم به أن وجود الأب في حياة الأبناء يعني الحماية والرعاية، ووجود القدوة والسلطة والتكامل الأسري، ولا يقل أهمية عن تواجد الأم، بل ربما تكون أهميته أكبر إذا كان هناك غياب لدور الأم داخل الأسرة بسبب الوفاة أو الإنفصال أو الإهمال لواجباتها.
وعادة فالأطفال بحاجة إلى حماية ورعاية وتوجيهًا يختلف عما يجدونه عند الأم، كما أن الأب من المفترض أن يكون الراعي المسؤول عن الأسرة، وهو المعلم الأول في حياة الطفل، وترتكز على هذه العلاقة ومدى متانتها عوامل كثيرة تعزز شخصية الأطفال بصفة خاصة وجميع أفراد الأسرة بصفة عامة ... ومن أهمها:
• التكامل الأسري.
• المشاركة في التربية والاهتمام بالأبناء جنبًا إلى جنب مع الأم لتحقيق التوازن الأسري.
• توجيه الأبناء وتقويمهم وتعويدهم على اساليب الحوار والنقاش السليمة.
• تفاعل الأب مع أبنائه يبعد عنهم مشكلة الاحساس بالضياع وفقدان المرجعية التي يتجهون إليها عند الأزمات.
• وجود الأب وقدرته على الإحتواء، يبني الثقة في نفس الطفل يدفعه للتحلي بالشجاعة والعزم والاتزان. ليصبح فيما بعد شخصية خلاقة مبدعة.
..
عندما كنت صغيرة،كان وجود والدي يعني الأمان والثقة وكنت أرى فية المثل الأعلى، ورغم بساطة الزمن وعدم وجود المؤثرات وأساليب "الحقن الفكري" التي أصبحت من أقوى المؤثرات على التنشئة والتربية والسيطرة على العقول .
كان والدي رحمه الله يبذل جهدًا كبير في سبيل مواصلة تعليمنا وتشجيعنا على الأداء بمستوى عال، ويحفزنا على التفوق، وأذكر فيما أذكره تلك الهدايا الصغيرة التي يمنحها لمن يحصل على الدرجة الكاملة في الاختبار، أو عدم الوقوع في أي خطأ عند قراءة القرآن أثناء تسميعه لنا، كانت المكافأة تتنوع من ريال إلى أنواع من البسكويت أو الحلوى التي نحبها، يخص بها المتفوق فقط،
في زمن والدي يرحمه الله كان الجميع آباء للجميع، فالجار يعدل السلوك الخاطيء، وكذا العم والخال وأحيانا من عابر سبيل.
في زمن والدي "أخو نوير" يرحمه الله زرع في نفوسنا قيمة العدل والمساواة وروابط الأخوة واحترام الجار والتأدب مع الكبار والرحمة بالصغار، لم يكن كثير حديث أو نصح وارشاد، بل كان يفعل وكنا نسير على خطاه.
الشاهد أن الأب هو عماد الأسرة وإذا تخلى عن دوره ومسؤليته، سوف يختل نظام الأسرة وتوازنها ككل، فعندما يعتقد بعض الآباء أن دوره يقتصر على تأمين السكن والملبس والمصاريف، ويكون حضوره على المشهد الأسري مجرد ذلك الشخص الديكتاتور المتسلط الحازم في كل شيء، وهذا خطأ فادح، يقع فيه بعض الآباء عندما يلقي كامل مسئولية التربية والاهتمام بالأسرة على الأم، ومن وجهة نظري أن نسبتهم قليلة في ظل الحضور المشرف لكثير من الآباء في حياة أفراد أسرهم.
ذكرت في بداية المقال أن الاحتفاء بيوم الأب كان هادئا جدًا، ويعود ذلك أن هذه المناسبة جديدة على مجتمعنا، فقد اعتدنا الاحتفاء بالآباء والأمهات كل يوم وليلة، وبرهم واجب ومن مسببات دخول الجنة.
تحية لكل الآباء، ورحم الله والدي الذي لم يرني من الحياة سوى ترفها.
1 comment
محمد مبارك
06/28/2021 at 5:00 م[3] Link to this comment
الله يرحمه ويتجاوز عنه الوالد عبدالله معلم كبير في كل شيء رجل دين وحكمه وخلق وصبر قل أن تجود الايام بمثله ولا نزكي على الله احد