تنتابنا لحظات تأملية عميقة، سرحة تفكير خلف الزمن وتسرب الوقت.
لكن هل نستطيع رصد تلك اللحظات والمواقف؟، وهي تمر سريعة لا نستطيع التقاطها أو تأخيرها فقط نعيشها وترحل ونقف في حالة دهشة وسؤال:
متى رحلت؟
هل غفونا؟
متى تسرب الوقت دون أن نفعل؟ وحقيقة أن الغد زمن لا نستطيع اللحاق به لأنه موجود في كل يوم يأتي إلينا ونضع عليه علامة!
أحيانا يأتي السؤال، يستفز الفهم ومدى سرعة الاستجابة: ما هو الوقت؟
ولماذا تعلقت حياتنا وتفاصيلها وقدراتنا على مقدار محدد من الزمن، حد في الواقع يفصل بين أمرين أحدهما نعرفه سابقًا والآخر نستشرفه، لنصل إلى الميقات وهو وقت معين للقيام بأمر ما وقد يُذكر للمكان الذي يعقد فيه أمر ما في وقت معلوم كميقات الحج.
ولا يخفى على أحد أهمية الوقت، الذي تجلت عظمته في قسم الله عز وجل في مطالع سور عديدة من القرآن الكريم بأجزاء من الوقت وأطواره المختلفة، مثل الليل والنهار، والفجر، والضحى، والعصر.
ولأهمية الوقت وضرورة استثماره بالشكل الصحيح الذي يتلاءم مع احتياج الإنسان، ويوجد نوع من التوازن في حياته بين العمل وأهمية الحصول على أوقات للراحة والترفيه والاستمتاع مع الأسرة والأصدقاء، والبحث عن المعارف المختلفة، بالإضافة إلى أداء العبادات في أوقاتها وممارسة العادات الصحية وغيرها من الأمور التي يتم جنيها عند تنظيم الوقت.
ربما استهلكت الأجهزة الذكية الكثير من وقت البعض، وصرفتهم عن أشياء مهمة، بل أحيانا تصل إلى أولوية، مثل: أداء الوجبات الدينة، والتواصل مع الوالدين والأهل والاقتراب منهم بعيد عن السوشل ميديا وفتنتها.
فقط من يملكون مهارات تنظيم الوقت، استطاعوا الافادة والاستفادة. فالتنظيم الجيد للوقت يحقق نتائج أكبر في فترة زمنية أقصر، مما يؤدي إلى الحصول على مزيد من الوقت بحرّية، ويساعد على التركيز بشكل أفضل، ويسمح بإنتاجية أكثر، ويقلل من الإجهاد بالإضافة إلى المزيد من الوقت الذي يتم قضاءه في الاهتمامات الأكثر أهمية.
وقد جاء التحذير في القرآن الكريم من المفْرطين في أوقاتهم الذين يفوتهم العمل فيها ويُنذرهم من الحسرة والندامة على ذلك التفريط يوم القيامة، حيث يقول قائلهم حينئذٍ: (ياليتني قدّمتُ لحياتي)، وحيث يقولون في حسرة وندامة أيضاً: (ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل)
وفي هذه الأيام أوقات فضيلة، ومواسم للخير.
الوقت خدعة كبيرة، سراب ننفتح من خلاله على هواء الحياة، نتنفسه!
ننفض همومنا الذاتية على أرصفة موانئ الفكرة التي نرتادها بلا توقف.
وأمام صمت الزمن ! نتأمل الرحلة، وأحيانا نغمض أعيننا ونلتحف السراب، والحلم، والخيال. ونطل بين فينة وأخرى إلى نافذة الوقت، الذي لا يمنحنا البقاء.
نستدين يومًا آخر .. نواصل المسيرة، والبعض يتوقف عند الهامش. ويكتفي.
أما من امتطى صهوة الوقت؛ سارت خطاه إلى القمة ولَم تخر قواه.
إذن على سارية الوقت نفرد أشرعة رحلتنا اليومية، ونظل في حالة بحث دؤوبة عن الغد مع كل صبح يبتسم، وفي كل إشراقة تضئ، وخلف كل ظل يرحل.