الشتات الذهني الذي يعيشه شباب ما قبل العشرين و ما بعدها بقليل يثير قلق الأسرة و المجتمع بأكمله.
ولا شك أن لغياب الثقافة الروحية دور كبير، فالروح الخالية تطيش وتتلاعب بها سوافي الحياة.
وبداية الإيمان بوجود ثقافة روحية ينبغي على الإنسان اكتسابها والتمرس والتأمل فيها يمثل جوهر ديننا الإسلامي الحنيف، فلو اطلعنا على الغاية النهائية للفلسفات التي تحاول طرد الشر عبر تطهير النفس من الأحقاد والكراهية والنميمة والكثير من الآفات الروحية والنفسية والجسدية لوجدنا قصورها في التوصل إلى هذه الغايات والقيم.
حتمًا لا نريد جيلا تمزقه التساؤلات الحائرة بلا إجابات، أو صمتًا يحركه في اتجاهات غير موثوقة. وسط موجة عارمة من مواقع التواصل الاجتماعي التي تنقل الغث والسمين، وتعمل على تسطيح الثقافات بكافة أنواعها مقابل عزوف شبه كامل عن الحصول على المعلومة من مصادر موثوقة، في عصر السرعة والاستعجال، يظل شيئًا مثلومًا في عمق العلاقة الروحية والارتباط بالخالق إلا في أوقات ومواسم محددة، وللأسف أصبح بعض أشكال هذا الارتباط - شكلي ظاهري- فقط، لا يتحاوز رسالة واتس آب أًو مقطع فيديو تتناقله الأنامل في وسائطها المختلفة، ربما يحمل الكثير من المفاهيم والمعلومات المغلوطة لكنه يدل على التدين الخالي من الروحانية.
الشباب حين يفزعون للآباء للحصول على معلومة، لا يحصلون على ما يشفي غليلهم ويشبع رغبتهم في المعرفة، يجدون الكثير من الفراغات المبهمة دون توضيح، وللأسف بعض الآباء "الوالدين" ثقافته الروحية ربما استندت على أزمنة كان كل شيء فيها محرم على لسان بشر، فتيبس عقله عند هذه النقطة، فهو يحاول ويجاهد لمحاصرة أبنائه معه داخل هذه الدائرة الضيقة، وسط انفتاح كبير على عوالم كثيرة صاخبة.
أو أن يكون الآباء" ممن ركبوا موجة التطور المقنع دون وعي أو تنقيح وفلتره… أكل الطعم وبدأ الانسلاخ عن قيمه ومبادئه ..هذا الانسلاخ الذي يسبب ضعف ووهن في البنية الاساسية لعمق الثقافة الروحية ودليل على الهشاشة الفكرية بهذا المنحى..
إذا أين يجد الشباب التائه ما يشبع قناعاته؟ ويغذي فكره الحائر؟ وهو يقبع خلف موجة العاب الكترونية جارفة تسيطر على جل وقته، وغابة من المقاطع والرسائل المفتوحة على جوانب كثيرة من المخاطر
تجره خلف تيارات قوية بقيادة الرغبات الجسدية والاسترخاء في مناطق الراحة الرخوة، وربما الملوثة بالفطريات والفيروسات الفكرية التي لا تجد مناعة فتستبد.
ربما يرى البعض أن الثقافة الروحية تحتاج فقط إلى وجود قدوات ولكن شبابنا يحتاجون أيضًا إلى عصًا لينه تنبههم وتطرق على أبواب وعيهم لإثارة شغفهم في الاستزادة والبحث، وبعض الحزم لن يؤثر علي استقبالهم وتلقيهم خاصة إذا طرحنا المفاهيم في قوالب عصرية تغريهم بتناولها واشباعهم، فالجوع يدفع من يعانية إلى تناول الجاهز لمجرد إسكات لحاجته المؤقتة دون وعي بما تسببه هذه التراكمات من أمراض مستقبلية .. ربما تقتل أُمه.