قائد برتبة مبادر فاعل وباعث صادق لمشاعر الأخوة والحميمية. لم يكن يوما ممن يرفعون وتيرة الأنا أو الصوت الأوحد، يزهد في الحضور العلني على مسرح المبادرة لأنه يسعى لنجاح الهدف العام أيا كان القائد.
ما قلت آنفا ليس بدعا من القول ولكنها حقيقة ملازمة لفترة من الوقت أهلت لإصدار الحكم بما لا يدع للشك مجالا فقد كنت معه وتعلمت منه واستمعت له ولم أخط كلمة مديح مستحقة وأنا معه لانتفاء السبب فالحضور الطاغي لمشاركاته واهتمامه الصادق اكسبه درجة الإخلاص في العمل سفيرا فوق العادة.
أما اليوم وهو يلوح بيده مودعا أرامكو المكان فأكتب والمنطق يقول إن الأيام تزيدنا منه بعداً ولكن أنى للمنطق أن يحضر في ذهنية علاقة استثنائية كعلاقتنا بأبي خالد (الاستاذ / علي بن حسين القحطاني).
تعم إن التباعد الجسدي في بيئة التقاعد المشفوع بالوداع الحار قد عكس عجلة السير الاعتيادية طوعاً بفلسفة التماهي بين التضاد (الرحيل و القدوم) فازداد القرب وكان التقارب إنه الحب المجرد من لهاث الماديات سمواً على كل سقط المتاع الدنيوي وبهرجة الحياة الزائفة. لأن هناك من لا نستطيع أن نقول لهم وداعاً لعدم تقبل الخارطة الذهنية لتغيير مكانه على جغرافية الحضور ومسرح الفكر لا يقبل بالبديل وجودا وتواجدا وإن نأى جسده قصيا عن المكان.
إن الاستاذ علي من القليلين الذين يستلذون التعب من أجل مبادئهم حسب ما تمليه عليهم أخلاقهم. إنه من الأوفياء جداً في علاقاتهم التي جلبت لهم الكثير من الأصدقاء خارج منظومة نسيجهم الاجتماعي القبلي المحافظ حد الانغلاق.
هذا التكريم المتواضع بمقال أكثر تواضعا هو صورة مختزلة من جوانب حياة عملية واجتماعية حافلة بكل مصادفات الحياة، شرفت أنا بمعرفتها. صافحت بها كف ذكريات الزمن الجميل عندما كان يمضي وقت العمل بكل همومه واتعابه سريعا وندلف للخروج ونحن نلملم شتات فكرنا ماذا لم يتم انجازه؟. ونحن نمني النفس لعل في الغد متسعا من الوقت لإنجاز ما لم يتم.
وتمضي الأيام ونحن في غفلة ساهون ولم ننتبه إلا على خبر يقرع مسامعنا ألا وهو ترجل هذا الموسيقار البارع راغبا عن صهوة الإنجاز والإبداع والتفاني ليشهد الجمع على صدق تاريخ الأمس بذلا وعطاء سخيا ومشاركة فاعلة سطرها نبل أخلاقه ودفعه لها سمو ذاته التي تتوسد سكنى المشاعر والتي لا تطيق صبرا على البعد إنها العشق الساكن في الأحداق وفي سطوة الوله الذي يتمنى المزيد رغم الحظوة بكل شيء.
فالوداع لا يعني الرحيل ولكنه في شرعه كلمة شكر تتوسل بقائه وترجو تواجده وهو كذلك وإن لم يرغب فهو الغائب الحاضر دائما.وقد لا ينصف القول رجالا أنصفتهم أفعالهم.
عاجل
ابراهيم التوماني

مايسترو المبادرات الخلاقة
Permanent link to this article: http://www.eshraqlife.net/articles/363262.html
1 comment
صك غفران الكتروني
08/31/2021 at 7:38 م[3] Link to this comment
قد أحسن التوماني في قوله عن القحطاني، وأبدعت أنامله في مقالةٍ كامله، جعلتنا في فضاء الوفاء نسبح ولمثل انجازاته نطمح، فنعماً بالمادح والممدوح فقد شيدوا للأمجاد صروح ورأينا وداعهم بصوتٍ مبحوح و مقالٍ مجروح في فضاء مفتوح. نسأل الله لنا ولكم الغفران وان يجنبنا الشيطان والكِبْر والطغيان فكل من عليها فان.