الاختلاف في الرأي بين الناس أمر طبيعي، أو لنقل إنه أمر صحي، خصوصاً إذا كان يصب في مصلحة جماعة أو مجتمع ما، ولكن عندما يتحول الاختلاف إلى خلاف فهذا غير طبيعي، لأنه في هذه الحالة يوغر الصدور ويولد الخصومات ويفرق الجماعات.
والأغلبية من الناس ولله الحمد والمنة، لا تنقصه اللباقة في تآلف الناس ومداراتهم، حتى لو أختلف معهم في رأي معين، فالمؤمن كَيّس فطن في مخالطة الناس، ذكي لبق في مخاطبتهم، فلا يحسون منه جفوة، ولا يلمسون فظاظة أو غلظة، لأن مخالطة الناس توجب الصبر.
"والمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم". وهو حديث حسن رواه أبن ماجه.
كثيرا ما يختلف الناس على أمورًا عادية وأحيانا جوهرية، فهل نسمح لأنفسنا عند الاختلاف أن تتحكم فينا وفي علاقاتنا الأهواء الشخصية واختلاف الآراء والأمزجة، التي غالبًا ما يكون سببها خلفية الواحد منا، ومدى فهمه وهضمه لموضوع ما.
يقال إن أعرابيًا سأل معاوية أبن أبي سفيان رضي الله عنه، كيف حكمت الشام أربعين سنة ولم تحدث فتنة والدنيا تغلي؟ فقال معاوية إني لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي، ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، كانوا إذا مدوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها.
التسامح والصفح عند اختلاف الآراء هو من خلق الكبار، وعادة الأوفياء، ومنهج أصحاب الهمم، والتسامح ينتج عنه التآلف والتماسك، لنكون كالبنيان المرصوص، الذي يزيدنا قوة وتماسكا، سواء كان من جانب نفسي أو اجتماعي.
«يد الله مع الجماعة وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية»
.
وكثيرًا ما نسمع العبارة التي تقول:
الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية
وتستخدم هذه العبارة عندما تكثر الآراء، خوفا من تطور الاختلاف إلى خلاف، علما بإن الاختلاف في وجهات النظر ظاهرة صحية، تثري العقول بخصوبة الرأي ورؤية الأمور من أبعاد وزوايا مختلفة، فالعقول كالمصابيح إذا اجتمعت أزداد النور ووضح الطريق، لأن لكل عقل نوعا خاص من التفكير وبعدا خاصا، مما يوفر تلاقح الأفكار للخروج بالرأي الصواب.
.
الخاتمة:
"أن تقول رأيك وأقول رأيي فهذه تسمى حريّة رأي، وأن تقول رأيك ولا تريد أن تستمع لآراء غيرك، فهذا يسمى ضيق أفق".
3 comments
ابومشاري
09/01/2021 at 8:52 م[3] Link to this comment
بارك الله فيك يا ابو يحيى
د.حسن
09/01/2021 at 8:59 م[3] Link to this comment
جميل م القثمياسطرت
الدكتور حاتم
09/02/2021 at 3:08 م[3] Link to this comment
الحقيقة انك أبدعت فيما تكلمت عن الإختلاف والفرقة ، والإستحواذ بالأراء وهذا مانعانيه حتى في بعض المجامع الثقافية
والتي تعاني كذلك من محاولة فرض الرأي والخروج عن إجماع المجمع لإعتقاده بصواب رأيه
وهذه من الآفات التي تعيق التقدم