فُقِدَت السعادة في ظروفٍ غامضة، فانطلقت عمليات البحث والتحري عنها، الكل - ودون استثناء - هبَّ للتطوع والمساعدة، من عرفها، ومن لم يعرفها؛ لأنها - ولكل إنسان - كانت من الأهمية بمكان.
لم يستغرق الأمر كثيرًا؛ فقد تبيَّن أن السعادة لاذت بالفرار، ولم تهنأ بعيشٍ أو يقرَّ لها قرار مع من أوثق نفسه بأغلال الأسف على ماضٍ يستعصي على التغيير، وحبسها خلف قضبان التذمر من حاضرٍ خارج إطار التدبير، ثم قدَّمها طواعيةً للإعدام بمشنقة القلق على مستقبلٍ مرهونٍ بما تحمله المقادير. وأنَّى لمن كان هذا حاله أن ترافقه السعادة؟!
نعم، فقدنا السعادة يوم أسِفْنا، وتذمَّرنا، وقَلِقْنا. فقدناها يوم فرطنا في مقوِّماتها؛ فضيعنا الأمانة في العمل، وقطعنا علاقاتنا بعد أن دبَّ إليها الخلل. فقدنا السعادة يوم أن كرهنا، وحقدنا، وحسدنا، واغتبنا، وعيَّبنا، وتتبعنا الخطيئة والزلل... ويالفحش ما اقترفنا من خطايا وآثام أذنت للسعادة بالرحيل على عَجَل.
مقوِّمات السعادة متاحةٌ أمامنا، وفي كل مكان، في البِرِّ، في الصلة، في الإحسان، في كفِّ الأذى، في الرحمة حتى بالحيوان. أينما نظرنا سنجد السعادة حاضرة، هي فقط تنتظر تحررنا من قيودنا، وخروجنا من خلف الأسوار المحاصِرة، هي فقط تنتظر منا صدورًا منشرحة، وأنفسًا منفتحة؛ حتى تلج وتستقر، وتعشعش هناك دون أن تفر.
دمتم في كنف السعادة، ودامت السعادة في أكنافكم.
عاجل
بقلم/ يوسف الشيخي

أين السعادة؟!
Permanent link to this article: http://www.eshraqlife.net/articles/363522.html