بعد غياب دام أكثر من عشر سنوات، لم ألتق بصنو روحي وفكري وعقلي! حالت الظروف بيني وبينها أن تكون من نصيبي، أحببتها من أول نظرة ولقاء جمع بيننا في أحد احتفالات الأعراس، كنت مدعوًّا لأكون مرافقًا لصديق العمر، ولا أكون بجانبه وقت دخوله للمّة الفرح.
لم يخطر في ذهني أنني سألتقي بتوأم روحي وعقلى وقلبي، ولكن هذا ما حدث وما شاء الله وقدّر!
لم أكن يومها حرًّا طليقًا؛ فقد كنت سبقت صديقي لعش الزوجية، وأنا مَن زين له الإسراع بالزواج؛ حتى نستطيع أن نتشارك الرحلات والجلسات العائلية؛ لأننى لم أكن ذا أسرة متماسكة؛ فكلٌّ من إخوتي وأخواتي انشغل بحياته وعمله، ولم نستطع الاجتماع وتخصيص أوقات للرحلات والجلسات للاستمتاع بحياتتا مع بعضنا البعض؛ فكلٌّ منهم له فكر وميول مختلفة، وزاد اختلافُ مشارب زوجاتهم، ومن اتجه للإنجاب، وانشغل مع أبنائه..؛ لذا كان متنفسي الوحيد صديقي سالم، والذي كان نِعم الصديق الرفيق، والذي توسمت فيه التعويض عن الوحدة؛ لذا حثثـته على الإسراع في الزواج؛ لنكون دائمًا مع بعضنا؛ سواء داخل البلاد أو خارجها، ترافقنا زوجتانا في حلنا وترحالنا.
لكن ما حدث في يوم زفافه أخذ الشيء الكثير مني ومن مرحي وسعادتي!
قد يقول بعضكم: إن عيني زائغة، وإنني "نسونجي" وغيرها من الاتهامات القاسية، ولكني أخبركم بسرٍّ؛ هو أنني لم أسع خلف تلك المرأة التى خلبت لبي وعقلي، اكتفيت أن أعرف اسمها ورقم هاتفها فقط بعد شهور طوال، وأيضًا من باب الصدفة البحتة، حيث حضرت لتعزية زوجة صديقي في وفاة أمها رحمها الله من سيدة طيبة المعشر، والتي اعتبرتها بمثابه الأم الثانية لي بعد أمي حفظها الله ورعاها بعينه التي لا تنام، وكانت أم صديقي ترافقنا نحن الأربعة في بعض رحلاتنا؛ سواء داخل البلد أو خارجه، وخاصه أنها ترملت وهي في ريعان شبابها، ورفضت كل من تقدم للزواج منها، لتتفرغ لتربية أبنائها؛ لذا كان سالم يخصها بالرعاية والاهتمام بحكم سكنه معها في المنزل بعد أن ترك إخوته بيت العائلة؛ ليؤسس كلٌّ منهم منزله الخاص به.
نعود بكم إلى كيفية معرفتي لاسم ورقم هاتف نبض القلب بدر البدور (تحوير لاسمها)؛ حيث إنها أعطت زوجتي رقم هاتفها أمامي؛ فكان القلب قبل العقل يخزن الأرقام في ذاكرته، وبالطبع أثناء الحديث بينهم تم نطق اسمها فعرفته، وشغفت به حبًّا وهيامًا، ولكن كل ذلك لم يجعلني متهورًا أو مندفعًا.
كنت أحب زوجتي حبًّا سلب مني العقل قبل القلب، ولم أكن لأتنازل عنها ولو من أجل بدر البدور أو غيرها؛ لأنها بكل بساطة هي حبي الأول الصادق، وهي أيضًا كما كنت أعتقد كنت حبيبها المخلص، والذي ستضحي بكل شيء لتسعده.
نعم كنت أعتقد ذلك، ولكن دارت الأيام وسنوات المرح، وجاء الأبناء ومشاغلهم، وهموم الحياة.
وفي أحلك الظروف وهي فقدي لبعض أموالي وعجزي عن توفير كل ما كنت أوفره لها من مطالب مهما بلغت من الغرابة، إلا أنها كشفت عن قناعها المستور وطلبت الطلاق، لا لشيء إلا لأني لن أستطيع أن أوفر لها كل ما تطلبه!
كانت صدمة العمر، بل قل صدمة الحياة كلها! جلست معها، حاولت ثَـنْـيَها، وكما حاولت زوجة صديقي سالم، إلا أن كل ذلك زادها إصرارًا على موقفها من طلب الطلاق؛ فكان لها ذلك.
رحلت زوجتى عن البيت؛ لأنها فضلت أن تعود إلى منزل والديها مع ابني وابنتي.
ومرت فترة طويلة، وبينما كنت أبحث عن شيء ما في الأدراج في غرفة نومنا، وجدت صورة ابنيّ محاطَين بين زوجتي وسيدة أخرى. لم أتبين ملامحها جيدًا؛ لأنني كنت في عجالة من أمري، وعندما عدت مساء في وسط الفراغ والضياع والصدمة التي خلفها رحيل زوجتي، وأنها لم تكن تحبني لِذَاتي، وإنما لما أوفره لها من متاع الدنيا وتساليها، تذكرت تلك الصورة؛ ففتحت الدرج ببطء وأخرجت الصورة، وبدأت أتأمل ملامح تلك السيدة التي فيها، وبدأت الذاكرة تعود بي إلى الوراء، كيف نسيتها وقد اعتبرتها توأم روحي وفكري وعقلي! نعم نسيتها لأنني كنت أحب زوجتي وأرى فيها معنى الحياة والسعادة؛ لذا لم أفكر في غيرها، ولكن اليوم أنا بحاجه للتذكر وتقليب أوراق الماضي الذي قد أجد فيه ولو بذرة من وهم السعادة.
أخذت أقلّب الصورة وأقربها من عيني، ثم أبعدها وأعود وأدقق في ملامح الوجه؛ حتى غفوت ونمت والصورة بين يدي! وعندما ارتفع صوت المنبه لموعد أداء صلاة الفجر؛ تململت في فراشي واستعذت من الشيطان الرجيم، وقمت للوضوء؛ فوجدت الصورة أمامي؛ فوضعتها على طرف المخدة، وتوجهت إلى المسجد، وبعد عودتي قلبت الصورة مرة أخرى بين يدي؛ فوجدت خلفها هذه الكلمات (سنظل أختين في الله- بدر البدور- ورقم الهاتف مدون بجانبه).
عندها فقط تذكرت الرقم كيف بعد هذه السنوات ما زالت الذاكرة قوية! نعم إنه رقمها! فهل ما زالت تحتفظ بنفس الرقم أو تم تغييره؟
بعد مقاومة رغبتي في التواصل معها، ورفض عقلى ذلك، إلا أن القلب دائمًا في مثل هذه الأمور تكون الغلبة له!
كل ما فعلته هو أنني أرسلت رسالة صباحية أسأل: هل هذا رقم فلانة؟ وذهبت إلى عملي، وانشغلت في أمور كثيرة، وعدت في منتصف الليل مرهقًا من العمل والتفكير في زوجتي وما فعلته بي!
وبعد أخذي حمّامًا باردًا تناولت هاتفي لأجد هذه الرسالة (نعم؛ أنا فلانة. من معي، فالرقم لم أعرفه)؛ فأجبتها: أنا فلان زوج فلانة، وأرسلت لها صورة لفتاة تشبهها من حيث الملامح؛ فعرفتني وأرسلت لي ..♡هالكثر أنا حلوة بعينك♡
فلم أستطع الرد! هل كانت تعرف أنني أحببتها من أول نظرة وقعت عيني عليها؟! ما الذي جعلها ترد بهذه العبارة؟! هل كنت مخدوعًا بأن لا أحد يعرف ما أحدثته في قلبي وعقلي؟!
2 comments
بنت المدني
09/07/2021 at 6:01 ص[3] Link to this comment
ابدعت اناملك استاذة صالحة
لامست شىء في نفسي
كعادتك ?
بنت المدني
09/07/2021 at 6:13 ص[3] Link to this comment
اين التكملة استاذة لم اجد لها تكملة