لو جئت قبل سبع سنوات بأفضل خبراء التنمية، وأعرق فقهاء السياسة والخطط الاستراتيجية، وسألتهم عن أفضل المنطلقات التي يمكن للمملكة العربية السعودية أن تسير عليها، لتصل إلى مرتبة أفضل بين دول العام، فإنهم لن يعطوك ربع ما يُفكر به ويراه الملك سلمان بن عبدالعزيز.
.
أقول ذلك وأنا واثق ومطمئن وصادق.
ومن خلال قراءة باقي السطور – هنا - ستعرفون أنني أتحدث عن حقائق دامغة، فالملك سلمان شخصية قيادية فكرية غير عادية، فهو أولًا ليس حالة طارئة على الحكم، ولا هو قادم من الوسط العام للناس بثقافتهم ووعيهم المحدود، بل جاء للحكم من داخل بيت الحكم نفسه، ومن زخم مطبخ القرار السياسي القيادي.
.
الملك سلمان جاء إلى القيادة العليا في بلادنا من الباب الأمامي الواسع، تدرج في المسؤولية، وتشرب فن صناعة القرار، وعاش قريبًا من كل الأحداث وصانعيها، فقد حكم الرياض كأمير لها بنجاح باهر لأكثر من 50 عاماً، وعاش مع الملوك وفي فوهة المسؤولية.
فقد عاصر أولا والده الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، ثم رافق وعاش لصيقا لمرحلة الملوك، منذ الملك سعود وحتى الملك عبدالله رحمهم الله جميعا.
.
بمعنى أنه عاش كل تفاصيل الأحداث، وظل قريبا من مطبخ صناعة القرارات مع ستة ملوك. عاش لحظات التأسيس، ثم صناعة البنية التحتية للدولة، ثم عاصر وتعايش مع كل أحداث المملكة والمنطقة والعالم، بشكل أكثر من لصيق، فكان قريباً من جهرها وسرها، ومن شدة أيامها ورخائها، ومن مراقبة أصدقائها وأعدائها.
.
تجربة ثرية ولا شك، وفترة حياة طويلة غنية، عاشها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وقد كانت كافية لأن تشكل لنا وللعالم وللتاريخ، شخصية غير عادية، شخصية سياسية نادرة.
.
ولذلك فإن كل القرارات التي اتخذها الملك سلمان منذ تسلمه القيادية في بلد كبير ومهم مثل المملكة العربية السعودية، كانت بالفعل قرارات محورية استراتيجية مدهشة، وأضيف وصفاً آخر فأقول إنها كانت "مفاجئة"، لكن فقط لمن لم يكن يعرف حقيقة وعي وحكمة وحنكة الملك سلمان.
.
الملك سلمان عندما قبل بولاية العهد التي اختاره لها الملك عبدالله، كان يعرف أنه سيكون ملكاً للبلاد في المستقبل، وقبل بالمنصب لثقته في نفسه وفي قدراته .... كان يعرف أن مسئولية الحكم ليست نزهة، بل هي عمل شاق ومسؤولية عظيمة، خصوصاً لبلد واسع مثل قارة ... لبلد هو قبلة المسلمين ومرجعيتهم ... لبلد هو مصدر الطاقة الأول للعالم ... لبلد محوري يمثل حالة "جيو سياسي" هامة للغاية في الشرق الأوسط.
.
كانت أولى المفاجآت الجميلة المدهشة للملك سلمان، إطلاق رؤية 2030 التي كانت المملكة بأمس الحاجة لها، لنعرف ماذا نريد كبلد، وكيف، ومتى سنصل؟ ... رؤية 2030 كانت تعني للمراقب المتفحص، أن الملك سلمان يثبت من جديد، أنه صاحب فكر وصاحب عمق، ويريد أن يتحرك وتتحرك معه بلادنا وفق خطوط واضحة مرسومة، وليس "حسب التساهيل" كما يُقال.
.
وبالمناسبة فـ رؤية 2030 تعد طبقا لأحد الخبراء البريطانيين، من أفضل الرؤى العالمية لاشتمالها على عناصر تقيس مدى إنتاجية كل محور من محاورها، بعد أن أوكل الملك لسمو ولي العهد "هندسة" جوانبها، فكان أميرنا الشاب المتوثب، سمو الأمير محمد بن سلمان، خير من يقوم بذلك فكرًا وعمقًا .. حنكة، ومتابعة.
.
كثيرةٌ هي القرارات والمواقف المدهشة للملك سلمان، والتي لا يمكن سردها في إيجاز سريع كهذا ... ولكن الذي يمكن أن نقوله إننا أمام زعيم مختلف وقائد فريد.
.
لذلك علينا أن نطمئن إلى أن بلادنا في يد أمينة، وأن خلاصة تجربة ووعي وثقافة الملك سلمان في الحكم منذ الصغر، قد بدأت تؤتي أكلها، بحيث صرنا بلداً يعرف أين يضع قدميه بالضبط، وكيف يرسم مستقبله، وكيف يستشرف قادم أيامه بخطط محكمة.