لا زلت اتذكر الأجواء قبل وبعد مباراة الأهلي والباطن في الدوري السعودي للمحترفين لكرة القدم يوم الجمعة 12 يناير 2018م، وفيها سُمِح بدخول العوائل للملاعب، كأول لقاء في تاريخ الكرة السعودية.
حينها، تصدّر هاشتاق "#الشعب_يرحب_دخول_النساء_للملاعب" قائمة التغريدات الأكثر تداولاً في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" وتضمّن آراء عدة لأصحاب الفكر والأدب والقلم الساخن، حيث ذكرت الاستاذة هيلة المشوح بأن: "حفلات البكاء التي كان يمارسها عاشقوا (الفرملة) خفّت حدتها، فلم ألاحظ فبركات وقصص عن عواقب دخول النساء في الجوهرة كما حدث تزامنًا مع تنظيم الهيئة.. أرأيتم كيف تغيرنا في وقت قياسي؟!".
وأبدى الكاتب الدكتور علي عثمان مليباري رأيه حول حضور النساء للملاعب مغردًا بقوله: "اختبار للمرأة التي تحضر لكي تثبت للمجتمع أنها على مستوى الثقة بأخلاقها وحشمتها وحسن تربيتها، وأيضًا اختبار للرجل بأن يكون راقيًا في تصرفاته وسلوكه وأن يتعاون مع أخته (المرأة) لتقديم صورة حضارية لمجتمعنا السعودي أمام العالم وهما قادران بإذن الله.."
الكاتب الدكتور حمود أبو طالب قال في تغريدته: "ليلة دخول المرأة للملاعب الرياضية، ووجودها في أماكن أخرى لم ينتج عنه زلزال أخلاقي، فقد أثبت المجتمع السعودي بجزأيه أنه مجتمع محترم فعلاً، وهو كذلك من قبل ومن بعد".
ولأن وجود أصحاب القرار وتنفيذهم له من قلب الحدث له بالغ التأثير في دعم وتشجيع أعضاء فريق العمل الذي نظّم دخول العوائل لملعب الجوهرة، كانت صاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان آل سعود وكيل الهيئة العامة للرياضة للتخطيط والتطوير رئيس الإتحاد السعودي للرياضة المجتمعية الرياضي أولى الحاضرات، فتُوِّجت المدرّجات بتواجدها، وبدت السعادة في وجهها وهي ترى نجاح وانسيابية دخول العوائل للملعب بكل يسر وأمان وتنظيم متقن، وتُصرح قائلة: "دخول العائلات للملاعب السعودية اليوم (الجمعة) لحظة تاريخية في المملكة".
صراحة، كان المنظر رائعًا ونحن نشاهد العوائل السعودية وهي تزيِّن بحضورها الراقي مدرجات ملعب الجوهرة، فكم نحن فخورون بهذه الحياة البسيطة الطبيعية والمعتدلة، والتي تخلق فرصًا عديدة لترفيه العائلة السعودية بما يتناسب مع رؤية 2030 وفق الضوابط والآداب العامة المستمدة من التزامنا بأصول الشرع الحنيف.
إن هذا الحدث التاريخي يشكل علامة فارقة للمرأة السعودية وللقطاع الرياضي، وما كان له أن يتحقّق على أرض الواقع لولا حكمة وحنكة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله..
والشكر موصول لمعالي رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة الأستاذ تركي آل الشيخ، الذي كان وراء هذا التنظيم المبدع وما سبقه من خطط وتوجيهات أثمرت بتقديم الصورة الجميلة للعائلة السعودية في ملعب الجوهرة، وما تبعها من حضور لافت ومشرف أيضًا في ملعب أستاد الملك فهد الدولي وأستاد الأمير فيصل بن فهد في باقي المباريات بعد ذلك وحتى يومنا هذا..
وبإذن الله سيستمر هذا التواجد الرائع، وستستمر المملكة ماضية بأبنائها وبناتها نحو التفوق والحضور الفاعل في كل المجالات، وسنكون جميعًا ملتحمين يدًا بيد، ونحقق ما ذكره يومًا مليكنا الغالي، الملك سلمان بن عبدالعزيز: "هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجًا ناجحًا ورائدًا في العالم على كافة الأصعدة وسأعمل معكم على تحقيق ذلك".