انتهت العطلة المدرسية ، وبدأت تلوح في الأفق معالم العام الدراسي الجديد.. وقد تمتع الطلاب والطالبات وأسرهم , بعطلة أظنها الأطول (قاربت الأربعة أشهر) . ويستعد الجميع لبداية قوية وجادة مع عام دراسي جديد ، الأمل فيه أن يكون ثرياً بالتفاعل , بعد أن استراح المحاربون (المعلمون والمعلمات والطلاب والطالبات) بما فيه الكفاية .
.
ثمة من يتساءل .. هل الطلاب مشتاقون – فعلاً – للعودة إلى مدارسهم ، بـ (نفوس مفتوحة) ، وقلوب محبة ، وعقول متعطشة ؟ .... أم أنهم ما زالوا غارقين في (عسل) العطلة ، ويتمنون لو تم تمديدها لحوالي أسبوع مثلاً ؟ .
.
والجواب .. أن النفس البشرية – عادة – مجبولة على حب الدعة والراحة والفراغ .. ولذا تظل العودة إلى الميدان ، ومن ثم الركض من جديد عملية شاقة , وليس لها ذات جاذبية العطلة .
الذي أود أن أخلص إليه من هذه المقالة .. أن مجاهدة النفس على العمل والجدية , هي من أبرز لوازم الحياة الطبيعية (المتوازنة) ... فالحياة إجمالاً عمل كثير ثم راحة (معقولة) .. ثم العودة للعمل مرةً أخرى .
.
ومتى تشربنا هذه الثقافة - ثقافة أن نعمل ثم نستريح بعض الوقت – فإننا بذلك نكون منسجمين مع بديهيات الحياة ، وبالتالي نعيش بتوازن تام ، يمنح الذات جمالاً وبهاءً ، كون الجمال الذي أقصده هو ألا تعمل دائماً بدون راحة ، وأيضاً ألا تستريح دائماً بدون عمل .. وإنما عمل كثير وراحة لبعض الوقت المناسب .
ولذلك ينبغي على المربين في مدارسهم , وبيوتهم .. أن يغرسوا هذا الفهم ، وهذه القاعدة في نفوس الناشئة ، لتظل "ثقافة حياة راسخة" . وبالطبع يظل من (المعيب) أن نتجاهل مثل هذه الثقافة , وألا نحاول أن (نسقيها ونزرعها) في أعماق الجيل الجديد ، بشرط أن يكون ذلك بأسلوب ذكي ولماح ، من دون إملاءات ولا ضغوط ، لكي نحاول أن نجعلهم هم أول من يقتنع بالفكرة ، ثم يتبناها ويعمل بها ، بل ويجعلها بُنية تحتية لفلسفة حياته .
.
بحيث لا يرضى بغيرها بديلاً ، متحاشين أسلوب الوعظ المباشر الذي عفا عليه الزمن ولم يعد يصلح للجيل الجديد .
فناشئة اليوم يحتاجون التوجيه .. ولكن كلمعة أو ومضة , وسط حكاية (مطبوخة) أحياناً , يقدمها الواحد منا وهو مبتسم - لم لا .
.
وختاماً .. أقول إن من (المعيب) كذلك ألا نقتنع نحن الكبار بهذه الثقافة , بحيث تنزلق من أفواهنا أحياناً كلمات خطيرة لا نحسب حسابها , فيما هي مدمرة للجدار التربوي .. مثل (الله يعيننا على هـــ المدارس – بدأت) .. أو (ليتهم يمددون العطلة) .