توفي يوم امس الجمعة الموافق٢٤-٦-١٤٤٠.
الشيخ أحمد بن حسن الهيزعي البارقي رحمه الله رحمة الأبرار.
احد كبارعلماء ووجهاء بارق واعيانها. كان عالما في الشريعة والمواريث وعلى غزارة علمه زاهدا ورعا تقيا.
ولد وترعرع في بلاد بارق. بدأ حياته العلمية وهو شاب في السابعة عشرة. حيث شب شغوفا بالعلم باحثا ومنقبا عن مصادره. وحين لم يجدها تتوفر في منطقته انطلق مرتحلا في طلب العلم الي بلاد زبيد وبلاد المراوعة في اليمن. ودرس هناك اللغة العربية والنحو والاجرومية وتحفة الإعراب والفقه وعلم المواريث وغيرها من العلوم الصعبة حينها التي لايجيدها الا قلة من طلبة العلم. وحين تضلع من العلوم وتوسعت مشاربه رأي ان ينكب على دراسة علم المواريث والفرائض. لعلمه بحاجة مجتمعه اليه لتقسيم التركات والمواريث. وحين أجاد تخصصه اجازه مشائخه بعد دراسة استمرت لثلاث سنين.
ثم عاد الي بارق ثم اكمل دراسته في مدارس الفلاح بجده واكمل الشهادة الابتدائية ثم درس طلاب العلم في بلاد العرام ببارق ثم عين مرشدا دينيا في فرشة قحطان ونظرا لارتباطه باهله وحبه لدياره ترك الوظيفة وعاد الي مسقط راسه في بارق ثم عين اماما لمسجد القرية ثم موظفا في احد مدارس بارق ثم عضوا في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ببارق ثم مندوبا لقاضي بارق لتقسيم التركات والاملاك. واستمر على ذلك حتى كبر في السن وتدهورت ذاكرته لكبر سنه.
وقد عرف عنه الإصلاح بين الناس وحب الخير والأمانة وحبه للعلم وطلاب العلم.
رحم الله الشيخ أحمد واسكنه فسيح جناته.
وبعد رحيله المؤلم استذكر اليوم بعض مواقفي معه حين تشرفت بالتعرف عليه وافدت منه الكثير حين زرته عدة مرات في منزله للاستفادة من علمه.
فقد قمت بزيارة له قبل خمسة عشر عاما حين علمت بعلمه ومكانته و رحلته في طلب العلم.
وسألت عنه حتى وصلت داره. فلما زرته رحب واستبشر وفوجئت بمكتبته الخاصة التي اطلعني عليها ومكثنا نبحث فيها ساعات عدة ونقلب كتبها وكان يشرح لي عن كل كتاب ومافيه من خلاصة وما درسه منها في رحلته العلمية. ثم مكثنا نتبادل الحديث العلمي الماتع وافادني بالكثير وأفضل علي بعلم غزير مكنني من كتابة عدة كتب وابحاث حيث فتح لي حديثه أبحاثا جديدة وغذاها بالكثير من المعلومات وشجعني على كتابة تاريخ بارق بل وارشدني الي كتب ما كنت اعلمها ولم اطلع عليها قبل أن يرشدني اليها.
وكنت حريصا على الإفادة من علمه خصوصا انه عالم بالمقام الأول وأيضا من كبار السن الذين أخذوا عن ابائهم الذين اتصل عهدهم بالحقبة العثمانية بشكل مباشر فحدثني بالرواية عن والده الكثير من قصص الاتراك والدولة العثمانية في بارق وكذلك بداية العهد السعودي وروى لي الكثير من اشعار شعراء بارق في القرنين الثاني عشر والثالث عشر وهي من أعظم قصائدهم التي اشتهروا بها أمثال حسن بن معدي وحمزة بن حسن وبن شولان وبن مبيت والشيخ جعفر وغيرهم.
وزرته مرة ثانية واصطحبته في رحلة ميدانية للتنقيب عن آثار سوق حباشة في بلاد بارق حيث كان هو يظن أنه يقع في ناحية حددها من بلاد بارق. وكان حينها على كبر سنة نشيطا متقد الذاكرة فتجول بنا حيث مظنة موقع السوق بحسب رأيه.
ثم زرته ثالثة لما كبر وتدهورت ذاكرته قبل عدة سنوات. فجلست معه في فناء داره بحي المريبعة ببارق. وكان الوقت بعد المغرب مباشرة فسلمت عليه وجلست معه مقابلا لسريره في فناء الدار وبدا انه لم يعرفني فمكثت استحث ذاكرته حتى تذكرني جيدا فتفحص معالمي ثم اشاح بوجهه نحو السماء ينظر اديمها و يتأمل نجومها فتنهد وهو يقول بصوت خافت حزين (الله عرفتك انت راعي الكتاب؟!) ثم رد بصره نحوي ضاحكا مستبشرا يجيل نظره في ملامحي وسألته عن حاله فما كان جوابه الا الحمد لله بخير رغم وضوح التعب عليه وتغير حاله. ثم انطلقت في اسالتي للاستفادة منه وتحفيز ذاكرته فحدثني ببعض الأحداث. ولم أطيل المكوث معه لانه كان متعبا وأهله حريصون على راحته فقبلت راسه مستاذنا منه فغادرت وكان اخر لقاءا معه حتى بلغني وفاته بالأمس.
رحمه الله رحمة الأبرار.
حقيقة أحمد الله الذي وفقني للجلوس معه رحمه الله وتسجيل الكثير مما كان يكنزه ويحفظه من علم وتراث ثقافي عن بارق خاصة وتهامة عامة. وقد نشرت الكثير من هذه المعلومات في الكتب التي صدرت واسندت الرواية اليه رحمه الله ورفع منزلته في جنة الفردوس الأعلى آمين.
والحق اني مدين له رحمه الله بالكثير فكان لي نعم الموجه والمشجع وكان لي المصدر الشفهي الصادق الموثوق بروايته.
وأنني قد تألمت كثيرا لرحيلة وفقده خسارة كبيرة لأهل العلم.
والحمدلله اني قد حرصت على زيارته واهداءه كتبي فكان اسعد ما رأته عيني حينما أهديته كتابي الأول وجعلته يقرأ ما اسندته اليه من معلومات كان قد افادني بها واعتمدت عليها في الكتاب. فكم كان فرحا بالكتاب وكان يقول يا إبني بارق تاريخ كبير وتحتاج الكثير من البحث والله يطرح فيك البركة .
وكان يشجعني على الاستمرار في بحث تاريخ بارق.
كم كنت انهل منه وكم كان له الفضل علي في مسيرتي المتواضعة. ومن يعرف العم الشيخ أحمد عن قرب يعلم كم هو عالم جليل ومتبحر في عدة علوم لايهتم بها الا قلة من اقرانه في ذلك الزمن.
رحم الله الشيخ. لقد رُزِئنا بوفاته وخسارته وان امثاله كان خير يمشي على الأرض وديم هطال أينما حل انبت واعشب.
يقول الشاعر :
لعمرك ما الرزية فقد مال
ولا شاة تموت ولا بعيـر
ولكن الرزية فقـد شهـم
يموت بموته خلق كثيـر.
اللهم اغفر للشيخ أحمد واجزه خير الجزاء.
نزلنا هاهنا ثم ارتحلنا
كذا الدنيا نزول وارتحال
وما أعمارنا الا شموس
وهل للشمس بد من زوال؟!.
ستبقى مآثر الشيخ في نفوسنا وافضاله على الناس مازالت مستمرة.
قد مات قوم وما ماتت فضائلهم
وعاش قوم وهم في الناس أموات.
عزائي لاسرته الكريمة وذويه فأحسن الله عزائهم والهمهم الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون.
5 comments
Skip to comment form ↓
Mashael
03/03/2019 at 5:07 م[3] Link to this comment
رحمك الله ياجدي الحبيب .العالم
احمد حسن البارقي كنت توصيني باثقه بالنفس وماكنت اعرف ايش يعني والان عرفت ياجدي رحمك الله ان الثقه باالنفس كنز كبير لايفنى
…..اخ . وكنت تعلمني ان بر الوالدين شئ عظيم
وان الله عزوجل اوصى بهم وعصيانهم يعجل في الدنيا قبل الاخر ه والله اني استفد منك كثير ياجدي الحبيب بس ياليتك بقيت ومارحلت وليت يومي كان قبل يومك ياغالي رحمك ياجدي واسكنك في مسيح جناته الخلد وجعل الفردوس الاعلى مثواك اللهم امين
Mashael ali A.L bargi
03/03/2019 at 5:18 م[3] Link to this comment
رحمك الله ياجدي الحبيب .العالم
احمد حسن البارقي كنت توصيني باثقه بالنفس وماكنت اعرف ايش يعني والان عرفت ياجدي رحمك الله ان الثقه باالنفس كنز كبير لايفنى ولايقدر بثمن . وكنت تعلمني ان بر الوالدين شئ عظيم
وان الله عزوجل اوصى بهم وعصيانهم يعجل في الدنيا قبل الاخر ه وقد اوصاني باشياء كثيره والله اني استفد منك كثير ياجدي الحبيب بس ياليتك بقيت ومارحلت وليت يومي كان قبل يومك ياغالي رحمك ياجدي واسكنك في مسيح جناته الخلد واجزه ياالله خير الجزاءواجعل الفردوس الاعلى مثواك اللهم امين
رحمك الله ياجدي
اللهم ارحم روحآ صعدت اليك لم يعدبيننا وبينها الا الدعاء
انالله وانا اليه راجعون
Mashael
03/03/2019 at 6:10 م[3] Link to this comment
رحمك الله رحمة واسعه ياجدي العام احمد حسن البارقي
غير معروف
03/03/2019 at 6:10 م[3] Link to this comment
حمك الله رحمة واسعه ياجدي العام احمد حسن البارقي
عبدالعزيز
03/08/2019 at 5:19 ص[3] Link to this comment
رحمك الله ياشيخنا وعالمنا رحمة واسعة واسكنك فسيح جناته وجميع موتى المسلمين . لمعرفتي وقربي منه فعلاً كان عالماً بالمواريث وفصيح في كلامه ولديه من القصص والشعر الكثير .