الحديث عن الصداقة جميل، والأجمل أن نتمثل جميعنا معانيها ومضامينها، ونترجمها إلى ممارسات عملية على الأرض، بذات النقاء الذي تحمله، وبعين العفوية التي تميزها، من دون مصالح مشبوهة، أو منافع ملوثة.
.
والواقع أن الصديق في كل الأزمان، يظل "الأخ الذي لم تلده أمك" – كما يُقال – ولذلك فإن عثورك على "صديق مثالي" هو بمثابة عثورك على كنز من المجوهرات، بل وأكثر من ذلك.
.
ولعلنا ومن خلال معايشتنا للمجتمع، وانصاتنا لعدد من جوانب تموجاته وصفحاته، نجد أن ثمة أصدقاء الواحد منهم (يفدي) صديقه بروحه إن احتاج الأمر، فهو كاتم سره، وساعده الأيمن، ورفيق مشواره .. إنه شقيق روحه، وبوصلة النصح الأمينة له.
.
ومن الجانب الآخر.... الجانب المؤلم فإننا كمجتمع نفجع أحياناً بعدد قليل ممن كنا - وكان المجتمع - يظن أنهم "أصدقاء خُلص" لبعضهم البعض، ثم لا ترى أحدهم إلا وقد (غسل يده) من ميثاق الصداقة ذاك، وقلب لرفيقه ظهر المجن، مخاتلاً إياه، ومتملصاً من ذلك الميثاق الجميل.
.
والسبب الأقرب - في ظني - أن ثمة من يرى الصداقة مجرد تلاق عابر على مائدة الـ "مصلحة"، تلاق تحفه الأنانية والانتهازية، ثم بعد "نهاية المصلحة" يذهب كل منهم في طريقه، إن لم يكن إلى الجحيم.
.
والواقع أن أولئك النفر هم شرار الناس، ممن تلبسوا بالـ (تقية) سلوكًا، وتصنعوا المثالية منهجًا، ولا شك أنهم سيظلون عاراً، وسيبقون قيمة مهملة في المجتمع، بعد أن غدروا، وانسلوا كالمارقين من تحت عباءة الصداقة.
.
ويظل "الجانب الكوميدي" في كل ما تقدم ......
أن ثمة من جمعتهم الصداقة ببراءتها تحت غطاء المخاتلة المتبادلة، وعلى ضفاف المنافع الملتوية، ومثل أولئك عندما ينقطع حبل الصداقة بينهم، ولا شك أنه ســــ ينقطع ....
فإنك ترى أحدهما يرغي ويزبد في وجه رفيقه، مهددًا إياه .. ومردداً:
(انتبه .. احنا دفناه سوا).