كل مرة نبدأ السهر، أتساءل في داخلي؛ ثمة أحد الأصدقاء لم يحضر، أتفقدهم واحدًا واحدًا أجدهم جميعًا حاضرين.
أصغي إلى أصدقائي أثناء تبادل الآراء.. أصغي إليهم باهتمام، أتأمل ردود أفعالهم، طريقة معالجتهم للفكرة.. ينتهون جميعًا ولكنني أشعر بأن ثمّة رأي مازال غائبا لم يتم ذكره، أهزُّ رأسي يمينا ويسارًا محاولًا تغيير مسار تفكيري.
أصدقائي ذو ميول مختلفة، يبدأون من اليسار يمرون بالمناطق الوسطى بدرجاتها المتعددة ينتهون إلى أقصى اليمين.
قد نتجادل ترتفع أصواتنا، وقد نتبادل الشتائم، إلا أن العبارة المقنعة، عبارة النصر، العبارة التي تعتلي كل العبارات لم تحضر.
قد نلعب أي لعبة، مرة يفوز أحدهم وتارة يفوز الآخر ثم ثالث وهكذا.. ولكن ثمّة لاعب ماهر ينتزع الفوز بجدارة وإتقان والجميع يقتنع بانتصاره، هذا الماهر غائب ليس موجودًا برفقتنا.
أحيانا نخرج في نزهة طويلة، يحضر كل الرفاق ونصطحب كل الأدوات، ولكن يظل شيئا مُهِمًّا ناقصا، إنه روح القائد المتكامل.. لا يوجد معنا شخص بتلك المواصفات.
أمس حضرت مناسبة زواج، التقيت أصدقائي القدامى، والقدامى جِدًّا.. تذكرنا الطرائف والمواقف المحرجة التي كانت تمر بنا، شعرت بسعادة ضحكت، وضحكت حتى تعبت..
أخذت الكاميرا لتوثيق تلك اللحظات الممتعة.. تأملت أصدقائي واحدا تلو الآخر.. سألتهم: نفتقد لشخص ما.. جاسوا بأعينهم على الحاضرين، ثم أجابوا: بل كاملين.!!
بل نفتقد.!
تغيّرت حالتي.. شعرت بضيق بالتنفس.. أغلقت الكاميرا. استأذنت وغادرت..
في سيارتي أتمتم باسم صديقي أبي تميم.. مات منذ عشرين عامًا.. وخلّف فراغا لم يملأه أحد..